فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  العلاقات المعدودة، علم ذلك باستقراء اللغة واستعمالات العرب وإن لم يوجد التصريح به في كل من الآحاد، كما في رفع الفاعل ونصب المفعول، وما يدل بالهيئة كالمبني للمفعول والأمر والمثنى والمجموع والمصغر والمنسوب وغير ذلك مما لم يصرح الواضع بآحادها، بل علم بالاستقراء تعيين هيئاتها للدلالة على معانيها، إلا أن تعيين الهيئات للدلالة بنفسها(١)، أي: من غير اشتراط قرينة خارجة عن اللفظ فصارت كالأوضاع الشخصية(٢) ودخلت في مطلق الوضع فكانت من قسم الحقيقة، وتعيين المجازات للدلالة بمعونة القرائن المانعة عن إرادة المعاني الأصلية، فخرجت عن قسم الحقيقة وعن أن يتناولها الوضع كما تقدم(٣).
  احتجوا ثانياً: بأنه لو جاز التجوز بمجرد وجود العلاقة لجاز نخلة لطويل غير إنسان للمشابهة، وشبكة للصيد للمجاورة، وأب للابن للسببية، وابن
(قوله): «كما في رفع الفاعل» فإن رفع الفاعل ونصب المفعول بالوضع قطعاً.
(قوله): «كالمبني للمفعول» هكذا في حاشية السعد، واعترض[١] بأن المبني للفاعل يدل بهيئته أيضاً.
(قوله): «وتعيين المجازات للدلالة» قد سبق في أول بحث الموضوعات أن تعيين المجاز لجواز الاستعمال لا للدلالة، وهذا مؤيد لما عرفت من الاعتراض هنالك.
(قوله): «وعن أن يتناولها الوضع» أي: الوضع المطلق؛ لكونه اسماً للقسم الأول من التعيين، يعني تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه.
(١) كلامه هنا يوافق ما ذكره في حد الوضع.
(*) لا يقال: هذا الفرق على ما فيه من التكلف لا يتمشى في أسماء الإشارة والحروف؛ لأنهما من الحقيقة مع احتياجهما إلى القرينة؛ لأنا نقول: إنهم نصوا أن احتياج القرينة في الحروف وأسماء الإشارة سببه عروض الاستعمال، بخلاف المجاز فإن قرينته بالوضع. (من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٢) مثل: رجل وفرس وأسود وأبيض، يعني في عدم الاحتياج في فهم المعنى من اللفظ إلى قرينة.
(٣) في تحقيق معنى الوضع فيما نقله عن السمرقندي وعن التفتازاني عن التلويح.
[١] الاعتراض مدفوع بقوله: كالمبني بتوسيط الكاف. (من خط سيدي محمد بن زيد. ح).