[ذكر سبب التأليف]
  فإن قلت: أين المحمود به وعليه في وصف الشجاع بشجاعته؟
  قلت: الشجاعة من حيث إنها موصوف بها محمود بها، ومن حيث قيامها بمحلها محمود عليها، فالتغاير حاصل بالاعتبار.
  وإنما اشترط كون الوصف للتعظيم - أي: مقصوداً به التعظيم ظاهراً وباطناً - لأنه إذا عري عن ذلك لم يكن حمداً، بل استهزاء وسخرية.
  فإن قلت: فقد(١) اعتبرت في الحمد فعل الجنان والأركان.
(قوله): «فإن قلت: أين المحمود به وعليه» يعني أنه قد تقرر كما عرفت أن الحمد يقتضي متعلقين محموداً به ومحموداً عليه فأين المحمود به وعليه؟
(قوله): «في وصف الشجاع بشجاعته» زاد السمرقندي: في مقابلة تلك الشجاعة وكأنه مراد المصنف[١]؛ ليتم الإيراد.
(قوله): «أي مقصوداً به» أي: بالوصف «التعظيم ظاهراً وباطناً» هذا القيد وإن لم يكن مذكوراً في تعريف الحمد لكنه مستفاد منه؛ لأن المتبادر من التعظيم كما ذكروا هو الفرد الكامل الذي يتطابق فيه الظاهر والباطن، ولأن المراد من الوصف بالجميل من حيث هو جميل، ولا يكون كذلك إلا مع قصد التعظيم ظاهراً وباطناً، فيشتمل حد المؤلف # حينئذ على ما اعتبروه في الحمد من اعتقاد اتصاف المحمود بذلك الوصف وعدم مخالفة أحوال الجوارح ما يدل عليه ذلك الوصف من التعظيم؛ وذلك لأن التعظيم الكامل لا يكون إلا مع ذلك الاعتقاد ومع عدم مخالفة أفعال الجوارح[٢]؛ بأن لا يصحب ذلك التعظيم شيء من التحقير.
(قوله): «فإن قلت: فقد اعتبرت في الحمد فعل الجنان والأركان» لما عرفت من إفادة الحد اعتقاد اتصاف المحمود بذلك الوصف وعدم مخالفة أفعال الجوارح والأركان، ومن قوله: مقصوداً به التعظيم ظاهراً وباطناً =
(١) نشأ من قوله: (أي: مقصوداً به ... إلخ)، يعني فلا يبقى فرق بين الشكر والحمد بحسب المورد، فأجاب بما ذكره، ويوضح السؤال والجواب ما ذكره الشيخ العلامة لطف الله بن محمد | في حواشيه على الشرح الصغير، قال ما لفظه: ويعتبر في الحمد اعتقاد اتصاف المحمود بذلك الوصف وعدم مخالفة أفعال الجوارح لما يدل عليه ذلك اللفظ من التعظيم. لا يقال: كيف يعتبر الوصف المذكور وعدم مخالفة أفعال الجوارح في الحمد مع القول بأن مورده لا يكون إلا اللسان، فإن ظاهره يدل على أن الجنان والأركان لا تكون مورداً للحمد لا بالاستقلال - وهو ظاهر - ولا بالانضمام وإلا لقيل: فمورده لا يكون إلا مجموع اثنين منها، وهو اللسان والجَنَان حيث لم يكن للجوارح فعل يوافق، والثلاثة حيث يكون لها فعل موافق؛ لأنا نقول: اعتبارهما في الحمد على أنهما شرط لا جزآن ولا جزئيان. ذكره سيد المحققين في حواشي شرح المطالع.
[١] قوله: «وكأنه مراد المصنف ... إلخ» بل وإن لم يرد المصنف فإن الكلام صحيح؛ لأنه إذا ترتب الكلام على مشتق ففيه دلالة على علية المشتق منه. اهـ قال: عن خط القاضي أحمد بن صالح أبي الرجال.
[٢] قوله: «ومع عدم مخالفة أفعال الجوارح» الذي صح في الأصل أحوال. (ح عن ن).