فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  أن الحقيقة لم توجد، فلا يكون عدم صحة النفي علامة للحقيقة؛ لوجوب اطراد العلامة.
  وقد يجاب: بأن هذا الإشكال نشأ من اشتباه العارض(١) والمعروض؛ فإن المعنى المجازي هو مفهوم الكاتب(٢) والناطق، ولا شك أن مفهومهما غير مفهوم الإنسان، فيصح نفيه عنهما وإن كان لا يصح نفيه عن معروضهما، وهو ما صدقا عليه من الأفراد.
  (واعترض) عليه (بأن العلم بها) أي: بصحة النفي (يتوقف على العلم بكونه) أي: المعنى المستعمل فيه اللفظ (ليس معنى حقيقياً) للفظ المتجوز به أصلاً؛ وذلك لأن المراد بصحة نفيه نفي كل ما هو معنى له حقيقة؛ لأن معناه
(قوله): «مع أن الحقيقة لم توجد» أي: حقيقة الإنسان؛ لأنها مجموع الحيوان الناطق، فإذا أريد بالإنسان الناطق أو الكاتب فهو مجاز وقد تحققت فيه علامة الحقيقة وهو عدم صحة النفي؛ إذ لا يصح نفي الإنسان عن الناطق أو عن الكاتب.
(قوله): «وقد يجاب بأن هذا الإشكال نشأ ... إلخ» وكذا يجاب بمثله عما أورده الشريف من أن اللفظ العام إذا استعمل في الخاص كان مجازاً مع امتناع سلب المعنى الحقيقي عن المورد، وكذا اللفظ الموضوع لمساو لازم إذا استعمل في المساوي الآخر، كالخاصة إذا أطلقت على ماله الخاصة كالضاحك بالقوة. والذي في بعض حواشي شرح المختصر جواباً عما أورده الشريف ما لفظه: العام إذا استعمل في الخاص مجازاً يصح سلب معناه الحقيقي عن الخاص من حيث إنه عام؛ لأن مفهومه من حيث إنه عام غير مفهوم الخاص من حيث إنه خاص، وإذا تغاير المفهومان صح سلب إحداهما عن الآخر كما هو مقرر، وإنما يمتنع ذلك إذا اتحد مفهومهما، ويجري هذا الجواب في اللفظ الموضوع لمساوٍ إذا استعمل في المساوي الآخر سواء كان داخلاً فيه أو خارجاً عنه. انتهى.
(قوله): «فيصح نفيه» أي: نفي مفهوم الإنسان.
(قوله): «وإن كان لا يصح نفيه» أي: نفي مفهوم الإنسان.
(قوله): «ما هو معنى له» أي: للفظ المتجوز به.
(١) العارض: هو الشيء الذي له الكتابة والنطق، وهو مفهوم الناطق والكاتب، والمعروض: هو الإنسان.
(٢) وهو الشيء الذي له كتابة، فمفهومه غير مفهوم المعروض وهو الإنسان وإن اتحدا باعتبار ما صدقا عليه، وكذا في ناطق.