[ذكر سبب التأليف]
  قلت: كل منهما شرط لكون فعل اللسان حمداً، وليس شيء منهما جزءاً منه ولا جزئياً له.
= ووجه ورود هذا السؤال في كلام المؤلف أنه قد اعتبر فيه اللسان في الحد؛ لما عرفت من أن قوله: «الوصف بالجميل» يقتضي من أن الحمد إنما يكون باللسان. وأما وروده في كلام غير المؤلف فظاهر؛ لأنهم ذكروا أن مورد الحمد لا يكون إلا اللسان، فلا يكون الجنان مورداً لا بالاستقلال - وهو ظاهر - ولا بالانضمام وإلا لقيل: فمورده لا يكون إلا مجموع اثنين منها أو الثلاثة[١].
(قوله): «قلت: كل منهما شرط لكون فعل اللسان حمداً ... إلخ» هكذا ذكره الشريف في حواشي شرح المطالع، وإذا كان كل منهما شرطاً فهو خارج عن ماهية الحمد، وينظر هل يتم[٢] هذا مع قول المؤلف #: أي مقصوداً به التعظيم ... إلخ فإن الظاهر أنه اعتبر ذلك جزءاً من الماهية، وقد يقال: هو قيد لماهية الحمد فقط، والله أعلم.
(قوله): «وليس شيء منهما جزءاً منه» أي: من الحمد، لعل هذا[٣] إذا أريد بالحمد ما هو المشهور في العرف واللغة، وهو الوصف بالجميل؛ إذ يكون هذا جزءاً وكل من الجنان والأركان جزءاً آخر إذا لم يكونا شرطاً.
(قوله): «ولا جزئياً له» أي: الحمد، لعل[٤] هذا إذا أريد ما عليه العرف الخاص كما عرفت فيكون للحمد جزئيات.
[١] قوله: «إلا مجموع اثنين منها أو الثلاثة» واعلم أنه قد أورد على اعتبار الاعتقاد المذكور ما جرت به عادة الشعراء من الثناء على السلاطين بذكر أشياء لا يعتقدون اتصافهم بها، والظاهر أن ذلك حمد، قال الشيخ العلامة في حاشيته: إلا أن يقال: لا نسلم أن ذلك حمد، أو يقال: إنهم يريدون بها معانيها المجازية. وفيه: أن الظاهر أن الشاعر لا يقصد في كل واحد من تلك الأوصاف معنى مجازياً يعتقد اتصاف الممدوح به، ولا يلتفت إليه أصلاً، كيف والمجاز لا بد فيه من قرينة وعلاقة وتأويل. قال الدواني: وانتفاء تحققها في كل واحد من تلك الأوصاف مما لا ينكره إلا معاند.
قال الشلبي: فإن قلت: إذا أثنى واحد على ظالم على ما فعله من نهب الأموال وقتل النفوس بغير حق على قصد التعظيم فالظاهر أنه حمد؛ ولذا يذم هذا الحامد؛ لأن حمده لم يقع في محله، مع أنه ليس على الجميل. ثم أجاب بأنه لو سلم أنه حمد فالجميل أعم من أن يكون جميلاً في الواقع أو عند المثني، والظاهر أن الحامد في الصورة المذكورة يعد المحمود عليه جميلاً ويصوره بصورته. (منه ح).
[٢] قوله: «وينظر هل يتم» الظاهر تمامه مع قول المصنف: وإنما اشترط ... إلخ. اهـ سيدي أحمد بن محمد إسحاق (ح).
[٣] قوله: «لعل هذا ... إلخ» يقال: هي سالبة، وهي لا تستدعي وجوداً، فالمراد النفي من غير حاجة إلى التكلف. (ح).
[٤] قوله: «لعل ... إلخ»: ينظر كيف توجيه القاضي لطف الله، فإن مراد ابن الإمام من كون كل واحد جزءاً أو جزئياً بالنظر إلى الحمد اللغوي المشهور، وأما الحمد العرفي الخاص - وهو الذي ذكره سابقاً - فجزئية كل واحد من الجنان والأركان واللسان معتبرة، فكيف يقول: ولا جزئياً له، أي: للحمد؟ لعل هذا إذا أريد العرف الخاص فينتفي عنه الجزئية ... إلخ كلامه. فتأمل فيه. ولعل الذي ألجأه إلى هذا عدم تحقق الجزئية في الحمد المشهور، وتحققها في الخاص، والله أعلم. اهـ (ح) قال: عن خط القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال.
ولفظ حاشية: نفي الجزئية للحمد الذي عليه أهل العرف الخاص غير واضح، والجزئية ثابتة له كما تقدم، وكأن المحشي فهم من قول ابن الإمام: «وليس شيء منهما جزءاً منه ولا جزئياً له» أنه أراد بالأول ما عليه الجمهور، وبالثاني ما عليه أهل العرف الخاص، وليس به؛ إذ تعريف ابن الإمام للحمد مصرح بأن مراده ما أراد الجمهور من الحد بتعريفهم كما هو الظاهر، فتخصيص المحشي الأول بما عليه الجمهور والثاني بما عليه أهل العرف الخاص سهو لا يخفى. (إملاء معنى. ح).