فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  احتج القائلون(١) بلزوم الحقيقة المجاز: بأن عدمه يستلزم العبث، وأنه غير جائز. بيانه: أن فائدة وضع اللفظ لمعنى إنما هي إفادته به، وإذا لم يستعمل لم يُفَد به.
  (و) الجواب: أنا لا نسلم حصر الفائدة فيما ذكرتم، بل (صحة التجوز) لما يناسبه فائدة (تنفي العبث، وإن سلم) انحصارها فيما ذكرتم (فقصدها كاف) في نفيه (وهو) أي: قصدها (لا يقتضي حصولها) فكم من غرض يَحْمِلُ على فعل فيفعل ولا يترتب عليه الغرض، ولا يخرجه عدم الترتب(٢) إلى العبث.
= وهو الإنشاء. فإن قيل: إن ابن الحاجب جعل هذه الأفعال التي لا تتصرف موضوعة لمعانيها حيث قال: ما وضع لدنو الخبر، وما وضع لإنشاء التعجب، وما وضع لإنشاء مدح أو ذم كما ذلك معروف. قلنا: قد أشار العلامة السعد في الحواشي إلى هذا الإيراد وجوابه حيث قال: لا يقال: لا نسلم أن هذه مجازات، بل لم توضع إلا لمعانيها التي استعملت فيها، ولو سلم فلا نسلم عدم الاستعمال، غايته عدم الوجدان، وهو لا يدل على عدم الوجود؛ لأنا نقول: الكلام مع من اعترف بكونها أفعالاً، مع الإطباق على أن كل فعل موضوع[١] لحدث وزمان معين من الأزمنة الثلاثة، ولا نعني بعدم الاستعمال إلا عدم الوجدان بعد الاستقراء.
(قوله): «وإن سلم فقصدها» أي: الفائدة، لم يتقدم في المتن ذكر الفائدة صريحاً، فيكون الضمير عائداً إلى ما دل عليه لفظ العبث؛ إذ هو العراء عن الفائدة.
(١) في (أ، ب): القائل.
(٢) في (ج) والمطبوع: الترتيب.
[١] «موضوع» ساقطة من المطبوع. وأثبتناه من حاشية السعد على المختصر.