هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الحروف: وضعها ومعناها وما يلحق بذلك]

صفحة 529 - الجزء 1

  الترتيب من قوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}⁣[الحج: ٧٧]) فكان السجود بعد الركوع، ولولاه⁣(⁣١) لجاز الأمران.

  قلنا: فهمه مما ذكرتم (ممنوع) ولعله مفهوم من غيره، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رايتموني أصلي» مع تقديمه الركوع على السجود؛ إذ لا يلزم من موافقة الحكم لما يظن دليلاً كونه منه؛ لجواز استفادته من غيره، ولا يلزم من عدم دلالته عليه عدم الدليل عليه مطلقاً؛ لجواز أن يكون هناك أدلة كثيرة، فلا يصح قولكم: لولاه لجاز الأمران.

  (و) أما ثانياً: فبأنه (فهم) الترتيب (في) قوله تعالى: ({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٥٨]) من الواو؛ وذلك لأنها لما نزلت الآية الكريمة قال ÷: «ابدؤوا بما بدأ الله به» أخرجه الدارقطني في السنن عن جابر، فصرح بوجوب الابتداء بما بدأ الله تعالى به، ويفهم منه ترتيب الوجوب على ابتداء الله تعالى به، ولولا أنه للترتيب لما كان كذلك.

  والجواب: أنه لنا لا علينا⁣(⁣٢)؛ فإن الترتيب مستفاد (من قوله #:


(قوله): «من موافقة الحكم» وهو الترتيب.

(قوله): «لما يظن دليلاً» كالآية، يعني بزعم المخالف، زاد المؤلف هذا ليندفع ما ذكره أورده الشريف على عبارة شرح المختصر؛ لأنه لما قال: إذ لا يلزم من موافقة الحكم للدليل كونه منه ولا من عدم دلالته عليه عدم الدليل مطلقاً أورد الشريف عليه ما حاصله: أنه لا مدخل للأمر الأول في هذا المقام إلا أن يحمل على التشبيه، أي: كما لا يلزم من موافقة الحكم للدليل كونه منه لا يلزم من عدم دلالته ... إلخ، أو يراد من موافقة الحكم للدليل على زعمكم، قال: وهذا بعيد⁣[⁣١]. انتهى.

(قوله): «كونه» أي: الحكم.

(قوله): «استفادته» أي: الحكم، وقوله: «عليه» أي: على الحكم.


(١) أي: فهم الترتيب.

(٢) وذلك لأن الحكم في الآية هو كونهما من شعائر الله، وهذا لا يحتمل الترتيب؛ إذ لا معنى لتقدم أحدهما على الآخر في ذلك. فإن قلت: من أين ثبت أصل وجوب السعي؟ قلت: من قوله ÷: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي))، وقد يقال: إن قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}⁣[البقرة: ١٥٨]، في معنى: فعليه أن يطوَّف بهما، إلا أنه ذكر بطريق نفي الجناح لأن الناس كانوا يتحرجون عن الطواف بهما لما كان عليهما في الجاهلية من صنمين كانوا يعبدونهما. (تلويح).


[١] عبارة سيد المحققين في الحاشية: ولو أريد أنه لا يلزم من موافقة الحكم كالترتيب مثلاً للدليل كالآية الكريمة على زعمكم كونه⁣[⁣٠] دليلاً لم يكن بعيداً. فينظر في نقل المحشي. وفي بعض النسخ لكان بعيداً فينظر. (ح عن خط شيخه وغيره).

[٠] لفظ حاشية الشريف: كونه منه لكان بعيداً.