[الحروف: وضعها ومعناها وما يلحق بذلك]
  «ابدؤوا(١)) بما بدأ الله به»، ولو كانت للترتيب لفهموه من الآية فلم يشكوا فيه فلم يسألوا فيحتاجوا إلى قوله: «ابدؤوا»، فلما سألوا علمنا أنها ليست للترتيب.
  (و) أما ثالثاً: فبما روي أنه خطب أعرابي عند رسول الله ÷ فقال: من أطاع الله ورسوله فقد اهتدى، ومن عصاهما فقد غوى، فقال ÷: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن عصى الله ورسوله» فقالوا: (إنكاره ÷) لقول الأعرابي: (ومن عصاهما(٢) ملقناً) له بقوله: قل: (ومن عصى الله) ورسوله(٣) يدل على أن الواو للترتيب وإلا لم يكن بين العبارتين فرق فما كان للرد والتلقين معنى.
  والجواب: لا نسلم انحصار الفرق فيما ذكرتم من الترتيب؛ إذ الإفراد بالذكر فيه تعظيم ليس في القِرَان مثله، فرد عليه (لترك التعظيم) الذي كان يحصل بالإفراد (بالقِرَان) ويدل عليه أن معصيتهما(٤) لا ترتيب فيها.
(قوله): «بالقران» بكسر القاف وفتح الراء متعلق بترك لا بالتعظيم.
(قوله): «لا ترتيب فيها» إذ معصية أحدهما معصية الآخر؛ لأن كلاً آمر بطاعة الآخر فمعصيته معصية لهما.
(١) في شرح المختصر للسبكي ما لفظه: كذا وجد بخط المصنف بضمير الجمع للمخاطبين، وهو لفظ رواية النسائي، وفي مسلم: (أبدأ) بضمير المتكلم.
(٢) فدل نهيه عن الجمع بلفظ التثنية وأمره بالعطف أن غرضه الترتيب وأن العاطف دال عليه. (جلال).
(*) في شرح السبكي: كذا بخط المصنف، ولفظ الحديث: ومن يعصهما.
(٣) كذا بخط المصنف، واللفظ: يعص الله ورسوله. رواه مسلم. (شرح مختصر للسبكي).
(٤) ثم لا يخفاك أن المصنف وقع فيما أنكره النبي ÷ على القائل بقوله: معصيتهما. (من شرح الجلال). وفي شرح السبكي: فإن قلت: كيف قال المصنف: معصيتهما عقب سماعه اللوم على الجمع بين الله ورسوله في ضمير واحد؟ قلت: لوم الخطيب إنما كان لأن مقامه وهو العظة والخطابة يقتضي التوسيع في الكلام، فكان المناسب فيه الإفراد تعظيماً، ولا كذلك أماكن الاختصار كمختصر ابن الحاجب، وفي القرآن: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ}[الأحزاب: ٥٦]، وفي الحديث: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)).