هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 559 - الجزء 1

  أو تخييراً أو وضعاً) الأحكام منها ما هو من صفات الأعيان كالطهارة والنجاسة، ومنها ما هو من صفات الأفعال كالخمسةِ والصحةِ والبطلان والفساد والانعقاد والنفوذ، ومنها ما ليس صفة كالعلل والأسباب والشروط والأمارات.

  والمقصود بالبحث ما شملته الحقيقة. والمراد بالتعليق ما يشمل تعلق الصفات بموصوفاتها، والعلل والأسباب بمعلولاتها ومسبباتها،


(قوله): «كالطهارة والنجاسة» وهما خارجان عن التعريف بقوله: اقتضاء⁣[⁣١] أو تخييراً، ولعل الوجه أنهما ليسا علامة في شيء حتى يقال: إنهما من خطاب الوضع. ولا يقال: إنهما شرطان في الصحة وعدمها لأنا نقول: إن سلم ذلك فليسا بحكمين شرعيين⁣[⁣٢]. وظاهر كلام المؤلف إخراج الطهارة سواء كانت كالوضوء ونحوه أو لا، وكلام الفصول مصرح بأن الوضوء شرط في صحة الصلاة لتأثير عدمه في عدمها. واعترض بعض شراح الفصول بأن الصحة ليست بحكم شرعي كما يأتي، قال: ولا يصح أن يراد بالحكم ما هو أعم من الشرعي أو العقلي؛ لأنه أراد بالوضعي ما جعل علامة للتكليفي، وقد صرح المؤلف # بهذا في بحث الأحكام الوضعية كما يأتي حيث قال: وسميت أحكاماً وضعية لأن الشارع وضعها علامات لأحكام تكليفية. قال في شرح الفصول: وإلا لزم كون جزء الصلاة كالركعة مثلاً شرطاً؛ لأنه يؤثر عدمها في عدم الصحة ولا يؤثر وجودها وحدها في وجود الصحة. فلعل المؤلف # لمح إلى هذا الاعتراض فأخرجه من الحد.

(قوله): «كالعلل ... إلخ» العلل كالإسكار، والأسباب كدلوك الشمس، والشروط كالحول لوجوب الزكاة. وينظر في وجه إغفال المؤلف⁣[⁣٣] للمانع هنا مع ذكره فيما سيأتي.

(قوله): «والأمارات» نحو كون الشيء دليلاً قطعياً كان أو ظنياً كما ذكره شراح كلام ابن الحاجب حيث قالوا: كون الشيء دليلاً مثل كون الإجماع والقياس لما يجب بهما. ويحتمل أن المؤلف أراد بالأمارات العلل التي ليست بباعثة على شرعية الحكم، ككون العصير مائعاً يقذف بالزبد، والحيض مثلاً⁣[⁣٤] فإنه أمارة لخلو الرحم عن النطفة.

(قوله): «والمقصود بالبحث ... إلخ» لو أخر هذا وقدم قوله: والمراد بالتعليق ما يشمل ... إلخ لكان أولى؛ لأن التعليق في هذا الحد كالجنس، وهذا كالتقييد له، فلو أخره لكان المعنى: والمراد بالتعليق ما يشمل ... إلخ لكن المقصود ... إلخ فتنتظم العبارة.

(قوله): «ما شملته الحقيقة» أي: هذا الحد؛ لشموله تعلق الأحكام والأسباب والشروط والأمارات فقط.

(قوله): «ما يشمل تعلق الصفات بموصوفاتها» سواء كانت الموصوفات أعياناً أو أفعالاً أو ما ليس كذلك كتعلق الأسباب والشروط والأمارات، بل يشمل أيضاً تعلق اللازم بملزومه، وقد أشار المؤلف إلى التعميم بقوله: وغير ذلك.


[١] بل بقوله: بفعل المكلف؛ إذ هما من صفات الأعيان، ولا حاجة إلى التطويل بلا فائدة. اهـ (ح).

[٢] أي: الصحة وعدمها، والشرط إنما يكون بحكم شرعي. (ح عن خط شيخه).

[٣] لعله يريد مثلاً، بدليل الكاف، فلا وجه للتنظير. (ح عن خط شيخه).

[٤] إن قيل: الحيض باعث على شرعية حكم هو وجوب ترك الصلاة ونحو ذلك. (عن خط سيدي عبدالله الوزير. ح).