هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 574 - الجزء 1

  (ثم الجواز يتوقف على إمكانه، وهو ممنوع) إذ النزاع في وجود الماهيات في الخارج ظاهر لا يخفى، وأدلة الامتناع أوضح وأقوى، ولهذا زيادة تحقيق يجيء في مباحث الأمر إن شاء الله تعالى.

  وأيضاً يمكن معارضة ما ذكروه بأن يقال: نجزم عقلاً بجواز الأمر بأشياء على البدل؛ لأنه لو قال: «أوجبت عليك كل واحد من هذه الأمور على البدل، فأياً فعلت فقد أتيت بالواجب، وإن تركت الجميع فقد أخللت بالواجب» لم يلزم منه محال.

  ثم النص دل على وجوبها؛ لتعلق الأمر بها، فيجب الحمل عليه إلى آخره⁣(⁣١).

  (و) احتجوا ثانياً: بأنه لو كان التخيير يقتضي وجوب الجميع للزم (وجوب تزويج⁣(⁣٢)) الكفوين (الخاطبين وإعتاق) جميع (الرقاب⁣(⁣٣)) في الكفارة المتعين فيها العتق⁣(⁣٤)، وهو خلاف الإجماع؛ لأن الأمة أجمعت على وجوب


(قوله): «ولهذا زيادة تحقيق تجيء في مباحث الأمر إن شاء الله تعالى» هو ما سيأتي في باب الأمر من أن للماهية اعتبارات ثلاثة: بشرط شيء⁣[⁣١]، وبشرط لا شيء، والماهية المطلقة عن القيدين المذكورين.

والمؤلف # اختار استحالة وجودها في الأعيان وامتناع طلبها، فهذا الجواب مبني على ما اختاره #، وهو مختار ابن الحاجب أيضاً، ولهذا استشكل الشريف تعلق الوجوب بالواحد المبهم حيث قال: فإن قلت: هذا يدل على أن الواجب الأمر الكلي، وذلك خلاف ما ذهب إليه ابن الحاجب من أن الأمر بالكلي أمر بجزئي مطابق له؛ لامتناع وجوده في الخارج كما سيأتي، ثم أجاب بأن ما ذكره ابن الحاجب هنالك سهو. انتهى. وما ذكره الشريف من أنه سهو مبني على ما اختاره في شرح المختصر هنالك من صحة طلب الماهية المطلقة، وسيأتي تحقيق الكلام إن شاء الله تعالى.


(١) ما تقدم في شرح قوله: واحتجوا أولاً، وهو أن الصرف عن المدلول ... إلخ.

(٢) قال في فصول البدائع بعد أن ذكر أن التخيير لو اقتضى وجوب الجميع للزم وجوب تزويج الكفوين وهو باطل إجماعاً ... إلخ ما لفظه: وطعن الإمام الرازي بأن وجوب الجميع جمعاً غير لازم، وبدلاً غير مجمع على بطلانه، وليس بشيء؛ لأن وجوب الجميع بدلاً عين وجوب الواحد المبهم، فالملازمة إنما هي على تقدير نقيض المدعى.

(٣) في صورة الأمر بإعتاق واحد من العبيد على التخيير. (من شرح العلامة على المختصر).

(٤) كالقتل مثلاً والظهار حيث يجدها.


[١] وهي المجردة، وهي لا توجد في الخارج. وقوله: «وبشرط لا شيء» وهي المخلوطة، وهي موجودة في الأجزاء الخارجية لا المحمولة. (ح عن خط شيخه).