فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  تزويج واحد من الكفوين الخاطبين بالتخيير، وعلى وجوب إعتاق واحد من جنس الرقبة بالتخيير.
  والجواب بأن يقال: إن أردتم بقولكم: وجب تزويج الجميع وإعتاق جميع الرقاب - تزويج الجميع معاً وإعتاق الجميع معاً منعنا الملازمة؛ إذ لم نقل بوجوب الجميع معاً، فالوجوب (لا على جهة البدل غير لازم) لنا، إنما نقول بأن الجميع متعلق للوجوب(١) على معنى أنه لا يجوز الإخلال بالكل، وبأيها(٢) فعل يخرج عن عهدة التكليف، ولا يثاب ولا يعاقب إلا على فعل واجب(٣) واحد أو تركه. وإن أردتم الجميع بهذا المعنى التزمنا اللازم، وليس مخالفاً للإجماع، إنما المخالف له هو المعنى الأول.
  (وقيل): الواجب واحد معين عند الله، وهو (ما يفعل(٤)) فيختلف بالنسبة إلى المكلفين.
  (وقيل): الواجب واحد غير معين عند المكلف(٥)، لكنه (معين(٦) عند
(١) في المطبوع: متعلق الوجوب.
(٢) في (د): وأيها.
(٣) «واجب» ساقطة من المطبوع.
(٤) هذا هو الحق؛ لأن الوجوب صفة الفعل، ولا موصوف قبل الفعل، فلا صفة. (من شرح الجلال). ولا يخفى ما فيه. (من خط السيد صلاح |).
(*) وهذا يشبه ما تقوله المصوبة من أن حكم الله تابع لفعل المجتهد. (من شرح الجلال على الفصول).
(٥) في المطبوع: المكلفين.
(٦) القائلون بأن الواجب واحد معين قالوا: الله تعالى يعلم ما يفعله المكلف، فيكون متعيناً في علم الله تعالى، والوجوب تعلق به، فيكون الواجب معيناً، وهو ما يفعله المكلف لا ما لا يفعله المكلف؛ لأن ما لا يفعله يعلم الله تعالى عدم وقوعه، ويمتنع إيجاب ما علم الله تعالى عدم وقوعه. قلنا: لا نسلم أنه يمتنع إيجاب ما علم الله عدم وقوعه؛ لأنه لو امتنع إيجابه لما وجب على الكافر ما علم الله تعالى عدم وقوعه، ولما وجب على المكلف ما ترك؛ لأن الله تعالى علم عدم وقوعه، وللزم تفاوت المكلفين في الواجب المخير عند فعل كل غير ما فعله الآخر، واللازم باطل؛ للقطع بتساوي المكلفين في الواجب وعدم اختلاف الواجب بالنسبة إلى المكلفين. (من شرح بدائع الأصفهاني باختصار يسير).
(*) مجهول عند المكلف، فإن فعله سقط الوجوب به، وإن فعل غيره فنفل يسقط به الفرض، وهذا يشبه ما تقوله المخطئة في أن لله مطلوباً معيناً عند تعارض الأدلة على المدلولات المختلفة. (فصول وشرحه للجلال).