هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 576 - الجزء 1

  الله تعالى، ويسقط الوجوب به) إن فعله (و) يسقط (بالآخر) إن لم يفعله بل فعل الآخر. وظاهر عبارات القدماء أن هذا بعينه مذهب الفقهاء ومن وافقهم من الأشعرية، وجعلوه وما قبله قولاً واحداً، فتارة يجعلون المعين عند الله ما يفعله المكلف، ويختلف بالنسبة إلى المكلفين، وتارة يجعلونه واحداً ويسقط الوجوب به وبالآخر⁣(⁣١).

  وفي عبارة المجزي [لأبي طالب (نخ) ] ما يفهم ما ذكرناه⁣(⁣٢)، أما الأول فحيث قال: فإن قيل: إنما جاز حصول الإجماع على أن المكفر متى أتى بأية واحد منها أراد فقد أدى الواجب؛ لأن الواجب منها عندنا⁣(⁣٣) هو الذي يفعل، ويتعين لنا وجوبه بالفعل. ثم أجاب عنه.

  وأما الثاني فحيث⁣(⁣٤) قال: ولو كان كذلك لوجب أن يجعل للمكفر طريقاً إلى التمييز بين ما هو واجب منها وبين غيره؛ ليتميز له الواجب من تركه.

  وأما التصريح فلم يصرح بهذين القولين أحد، فسميا قولي التراجُم⁣(⁣٥)، قال في المحصول: هاهنا مذهب يرويه أصحابنا عن المعتزلة ويرويه المعتزلة عن


(قوله): «أما الأول» أي: جعل المعين عند الله ما يفعله المكلف.

(قوله): «فحيث قال» أي: صاحب المجزي.

(قوله): «وأما الثاني» وهو جعله واحداً ويسقط الوجوب به وبالآخر.

(قوله): «قوله: وبين غيره» وهو ما يسقط به الواجب.

(قوله): «ليتميز به الواجب من تركه» أي: من أجل تركه.

(قوله): «وأما التصريح» متصل بقوله: وظاهر عبارات القدماء، يعني أن هذا يؤخذ من ظاهر عباراتهم لا أنهم صرحوا بذلك.


(١) في المطبوع: وسقط الوجوب به إن فعله وبالآخر.

(٢) وهو أنهما قولان.

(٣) أي: عند الخصم.

(٤) قوله: فحيث قال: «ولو كان» أي: الواجب «كذلك» أي: غير معين عند المكلف لكنه معين عند الله.

(٥) لأن الفريقين يتراجمان بهما، فكل فريق ينسبهما إلى الآخر.