هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 584 - الجزء 1

  والتقديم لا يصح كقبل الزوال، والتأخير عصيان، وكلاهما خلاف الإجماع.

  احتج أهل العزم⁣(⁣١): بأن التأخير ترك للواجب، فيكون إلى بدل، وإلا خرج عن كونه واجباً؛ إذ الواجب ما يستحق الذم والعقاب على تركه، فإذا لم يجب فعلُه ولا فعلُ بدله خرج عن صفة الوجوب.

  وأما أن البدل هو العزم فقال في المجزي: الدليل عليه ما تقرر في العقل والشرع من أن العزم بدل عن كل واجب يتراخى ولا يتعين له بدل، لا سيما فيما يتعلق بالحقوق كقضاء الدين ورد الودائع والمظالم والمغصوب وما يجري مجراها، وإذا ثبت قيامه في هذه المواضع مقام الفعل عند تعذره حكمنا بأن العزم بدل عن كل واجب يحتاج إلى بدل، وإذا ثبت كونه في الأصول العقلية بدلاً عن الواجبات واحتيج في الواجب الموسع فيه إلى بدل أقمناه مقامه للدلالة التي ذكرناها⁣(⁣٢).


(قوله): «وكلاهما خلاف الإجماع» ذكر بعض المحققين أن القائل بأن وقت الفعل أوله إما أن يقول: إن التأخير عمداً عصيان أم لا، فعلى الثاني يمنع كونه بالتأخير عاصياً، بل يجعل التأخير قسمين: ما فيه عصيان، وهو تأخيره إلى وقت العصر، وما لم يكن، كتأخيره إلى وقت الظهر، وعند هذا يظهر معنى الموسع عند هؤلاء. وعلى الأول يمنع⁣[⁣١] الإجماع على عدم العصيان. قلت: وهذا الاحتمال الثاني موافق لما رواه المؤلف فيما يأتي عن بعض الشافعية من أن الوقت الآخر وقت تأدية لا وجوب.

(قوله): «ولا يتعين له بدل» احتراز عن خصال الكفارة⁣[⁣٢]. وينظر مثاله في العقليات⁣[⁣٣].

(قوله): «وما يجري مجراها» لعله أروش الجنايات.


(١) أبو طالب ومن معه.

(*) قال الإمام المهدي # في المنهاج: ولعلهم جميعاً يجعلون اللطف الحاصل بفعلها في أول الوقت مخالفاً للحاصل بفعلها في آخر الوقت؛ إذ لو كان مثله لزم سقوط وجوبها بعد فعل بدلها أو سقوط وجوب البدل.

(٢) العقلية والشرعية.


[١] أي: القائل. (ح).

[٢] المثال الواضع بالوضوء والتيمم؛ إذ اتصاف التيمم بالوجوب إنما هو عند البدلية لا أصالة، بخلاف خصال الكفارة فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] قال في الأم بعد هذا: بياض في نسخة المصنف.