هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 592 - الجزء 1

  فعل» ليتناول النوافل المؤقتة. ولما كان التوقيت في الواجبات أكثر منه في النوافل حسن جعل هذه المسألة من مسائل الواجب.

  فخرج بقوله: «أولاً» الإعادة؛ لأن الأداء والإعادة والقضاء عند الجمهور أقسام متباينة، ومن يجعل الإعادة قسماً من الأداء يحذف من الحد «أولاً». وخرج القضاء وما لم يضرب له وقت كالنوافل المطلقة؛ إذ لم يعين لها وقت، بخلاف الحج فإن وقته مقدر معين لكنه غير محدود؛ فيوصف بالأداء ولا يوصف بالقضاء، وإطلاق القضاء على الحج الذي يستدرك به حج فاسد⁣(⁣١) مجاز من حيث المشابهة للمقضي في الاستدراك.


= كونه فرض عين وفرض كفاية ومعيناً ومخيراً وموسعاً ومضيقاً، والمؤلف # أخرج هذه القسمة كما في الفصول فينظر في وجه ذلك. ولعل وجهه أن قسمته بالنظر إلى ذاته كمعين ومخير أهم من قسمته بالنظر إلى فاعله كفرض عين وفرض كفاية، وهو ظاهر. وقسمته بالنظر إلى فاعله أهم من قسمته باعتبار وقته؛ إذ الفاعل هو المؤثر في الفعل الموجد. وقسمته بالنظر إلى وقته فقط كموسع ومضيق أهم من قسمته بالنظر إلى وقوعه في وقته أو خارجه كأداء وإعادة وقضاء؛ إذ وقت الفعل أخص به من غيره من الأوقات الخارجية. وقسمته باعتبار وقوعه في وقته أو خارجه أهم من قسمته بالنظر إلى مقدمة وجوده؛ إذ الأولى تعود إلى نفس الفعل والثانية إلى أمر خارج.

(قوله): «أقسام متباينة» فما فعل ثانياً في وقت الأداء ليس بأداء ولا قضاء.

(قوله): «ومن يجعل الإعادة قسماً من الأداء ... إلخ» نسبه في الجواهر إلى الغزالي، قال: لأنه اصطلح على أن الفعل إذا وقع في وقته كان أداء سواء كان مسبوقاً بأداء مختل أم لا، وإذا وقع في وقته وكان مسبوقاً بأداء مختل كان إعادة، فجعل الأداء أعم مطلقاً من الإعادة⁣[⁣١]. ونسبه أيضاً إلى البيضاوي، قال: ذكره في مرصاده حيث قال: والأداء إن كان مسبوقاً بأداء مختل سمي إعادة.


(١) فإن قيل: إذا أفسد الحج بالجماع فتداركه فإنه يكون قضاء كما قال الفقهاء مع أنه وقع في وقته، وهو العمر - فالجواب أنه إنما يكون العمر كله وقتاً إذا لم يحرم به إحراماً صحيحاً، فأما إذا أحرم به فإنه يتضيق عليه ولا يجوز له الخروج منه وتأخيره إلى عام آخر⁣[⁣٢]، ويلزم من ذلك فوات [وقت] الإحرام به، فإذا اقتضى الحال فعله بعد ذلك فيكون قضاء للفوات، بخلاف ما أتى به غير منعقد. وقد سلكوا هذا المسلك بعينه في الصلاة فقالوا: إنه إذا أحرم بالصلاة وأفسدها ثم أتى بها في الوقت فإنها تكون قضاء تترتب عليه جميع أحكام القضاء لفوات [وقت] الإحرام لأجل ما قدمناه [قررناه (أسنوي)] من امتناع الخروج، نص على ذلك القاضي حسين في تعليقه، والمتولي في التتمة، والروماني في البحر، كلهم في باب صفة الصلاة. (أسنوي [وتصحيح الألفاظ منه]).


[١] لفظ الجواهر: فجعل معرف الأداء أعم مطلقاً من معرف الإعادة، فيلزم أن يكون الأداء أعم مطلقاً من الإعادة.

[٢] لفظ الإسنوي: وتأخيره من عام إلى آخر يلزم من ذلك ... إلخ.