هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 600 - الجزء 1

  في المختصر في أثناء الاستدلال يقتضي أن إيجاب السبب مجمع عليه⁣(⁣١)، وأن نفيه للوجوب في غير الشرط الشرعي عما عداه⁣(⁣٢).

  احتج القائلون بالمذهب (الأول⁣(⁣٣)) بأنه (لا) يمكن أن (يتأدى) الواجب (على وجهه) الذي وقع التكليف عليه (من دونه) أي: من دون ما يتوقف حصوله عليه.


(قوله): «في أثناء الاستدلال ... إلخ» حيث قال: وإن سلم فهو في الأسباب خاصة بدليل خارجي لا لأنها وسيلة.

(قوله): «وأن نفيه» أي: نفي ابن الحاجب.

(قوله): «في غير الشرط الشرعي» متعلق بالوجوب.

(قوله): «عما عداه» أي: السبب، خبر أن نفيه، وبيان ما ذكره ابن الحاجب من النفي أنه لما قال: «ما لا يتم الواجب إلا به وكان مقدوراً شرطاً» فهم من قوله: «شرطاً» أن غير الشرط ليس بواجب، فورد عليه أن غير الشرط يتناول الأسباب مع الاتفاق على وجوبها كما عرفت. وقد أجاب السيد المحقق عن ذلك بأنا نخص غير الشرط بما عدا الأسباب. قال: ولا يلزم إجمال حالها؛ لأنها قد علمت هاهنا. انتهى. يعني بما ذكره ابن الحاجب في أثناء الاستدلال كما عرفت.

(قوله): «يتأدى» مضارع تأدى بوزن تفعل، ولعل معناه المطاوعة.

(قوله): «على وجهه» لعل هذا القيد بالنظر إلى الشرط الشرعي، وأما العقلي والعادي فلا؛ لأن مفهوم هذا القيد أن الفعل بدونهما يتأدى لكن لا على وجهه، وليس كذلك؛ فإن الفعل لا يتحصل بدون ترك أضداده أصلاً. وقد يقال: النفي عائد إلى القيد مع عدم التعرض للمقيد بنفي أو إثبات، بل قد ينتفي كما في العقلي والعادي وقد لا كما في الشرعي، فيصح التقييد بالنظر إليهما أيضاً، وهذا هو أحد معاني النفي الداخل على كلام فيه قيد كما هو مبين في موضعه ولا يخفى ما في ذلك من التكلف، وتقرير هذا الاستدلال على مقتضى ما يفهم من ظاهر العبارة هو أن التكليف بالفعل بدون ما يتوقف عليه تكليف بالمحال؛ إذ لا يمكن المكلف تأديته على وجهه بدونه، وحينئذ يرد عليه أن اللازم من هذا الاستدلال أنه لا بد في تأدية ما يتوقف =


(١) وفيه نظر؛ لما قيل في بعض الحواشي موافقاً لما في شرح المنهاج: إن الخلاف قد وقع في السبب أيضاً، وكلام المنهاج صريح في ذلك.

(٢) والذي عداه هو الشرط العقلي والعادي. اهـ يعني أن نفي ابن الحاجب لما عدا الشرط الشرعي إنما هو فيما عدا السبب، وأما هو فمتفق على وجوبه على ظاهر كلامه.

(٣) تحرير هذا الدليل أن يقال: مقدمة الواجب ما لا يمكن تأديته بدونها، وكل ما لا يمكن تأدية الواجب بدونه ممتنع الترك، وكل ممتنع الترك واجب، فمقدمة الواجب واجب. لكن هذا الدليل لا يدل على أن وجوب المقدمة بوجوب الواجب، بل يدل على أنها واجبة. فالضمير في قوله: «الأول بأنه» موضوع الصغرى، وهو يعود إلى المقدمة كالضمير في قوله: من دونه، وحذف الكبرى والنتيجة لظهورهما. (أفاده السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد، ومن خطه نقل).