فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  موضوعاً (للمشترك بينه وبين الندب) وهو مطلق الطلب فيسمى مأموراً به، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
  وأما كونه مأموراً به بمعنى أنه تتعلق به صيغة الأمر حقيقة كانت أو مجازاً فلا نزاع فيه، وحينئذ لا يتم الاحتجاج على الثبوت(١) بأنه طاعة وأنه مقسوم إلى إيجاب
= الأمر للوجوب فهو بمثابة مدلول الصيغة للوجوب، وهذا هو الذي اعتمده صاحب الجوهرة، وتبعه صاحب الفصول؛ لاشتراطهم في مدلول (أم ر) قيد التحتم كما صرحوا بذلك في أول باب الأمر، ومال إليه الشيخ العلامة في شرح الفصول؛ لأنه قرر ذلك ولم يعترضه حيث قال: والتحتم أي الإيجاب يخرج قول القائل: افعل على جهة الندب أو الإباحة، وذلك بناء على المختار كما سيأتي هنا. واعلم أن إدخالهم لأمر الندب في قيد الاستعلاء المذكور فيما يأتي في تعريف لفظ الأمر كما فعله المؤلف # وصاحب الفصول وقرره شارحه الشيخ العلامة وفي تعريف الأمر في عبارة ابن الحاجب مستقيم على ما ذكره في شرح التلخيص الكبير من شمول الاستعلاء للوجوب والندب، وأما على ما ذكره السيد المحقق[١] قدس سره في حواشي شرح التلخيص من أن الاستعلاء مختص بالوجوب كما هو المشهور فلا يستقيم إدخاله في قيد الاستعلاء، بل ذلك القيد مخرج له. وأما الإباحة فظاهر عدم دخولها في تلك التعريفات؛ لخروجها بقيد الطلب كما صرح بذلك في شرح التلخيص فتأمل، وإنما وسع الكلام في هذا المقام لأنه من المواضع المشتبهة، وليظهر نفعه فيما يأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وهدايته، والله أعلم.
(قوله): «وحينئذ لا يتم الاحتجاج» أي: حين أن عرفت بناء الخلاف في هذه المسألة على ما سيأتي وأنه لا نزاع في تعلق صيغة الأمر بالمندوب حقيقة كانت أو مجازاً.
(قوله): «على الثبوت» أي: ثبوت كونه مأموراً به.
(قوله): «بأنه طاعة» هذا إشارة إلى الاحتجاج الأول على كون المندوب مأموراً به، وتقريره أن يقال: المندوب طاعة، وكل ما هو طاعة فهو مأمور به، فالمندوب مأمور به، أما الصغرى فبالإجماع، وأما الكبرى فلأن الطاعة تقابل المعصية، والمعصية مخالفة الأمر، فالطاعة امتثال الأمر؛ ولهذا يقال: فلان مطاع الأمر، فيكون مأموراً به.
(قوله): «وأنه مقسوم ... إلخ» هذا إشارة إلى الاحتجاج الثاني على كونه مأموراً به، فقوله: «وأنه» أي: الأمر، وتقرير هذا الاحتجاج أن يقال: اتفق أهل اللغة على أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب وأمر ندب، ومورد القسمة يجب أن يكون مشتركاً بين القسمين.
(١) قوله: «لا يتم الاحتجاج على الثبوت» أي: بأمرين: الأول: بأنه - أي: المندوب طاعة، والثاني: بأنه - أي: الأمر - مقسوم ... إلخ، فهذا لف للمشترك بين الوجوب والندب، وقوله: لأن الطاعة وقوله: وقسمته ... إلخ نشر.
[١] حيث قال[٠]: ثم اختلف الأصوليون في أن صيغة الأمر لماذا وضعت؟ فقيل: للوجوب فقط، وقيل: للندب فقط، وقيل: للقدر المشترك بينهما، وهو الطلب على جهة الاستعلاء. اهـ (ح).
[٠] هذا كلام سعد الدين في المطول، وأما السيد فقال: كلام المفتاح يدل على أن الطلب على جهة الاستعلاء لا يتناول الندب ... إلخ.