فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  ومن ثمرات هذا الخلاف(١) حمل قول الراوي: أمرنا بكذا على الوجوب(٢) أو الإجمال.
  (و) اختلف في التكليف به، والمختار (أنه ليس بتكليف(٣) في الأصح) من القولين، وهو قول الأكثر، خلافاً للأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني فأثبته من أحكام التكاليف.
  والنزاع لفظي(٤)؛ لأن مبنى الأول على أن معنى التكليف: إلزام ما فيه كلفة(٥)، والثاني على أن معناه: طلب(٦) ما فيه كلفة، ولا شك أن المكلف إذا فعل المندوب رغبة في الثواب شق عليه ذلك كفعل الواجب، فكان(٧) الخلاف عائداً إلى تفسير معنى التكليف ولم يتوارد النفي والإثبات على معنى واحد.
(١) ومنها: إذا ورد لفظ الأمر ودل دليل على أنه لم يرد به الوجوب فمن قال بأنه حقيقة حمله على الندب ولم يحتج في ذلك إلى دليل، ومن قال: إنه مجاز لا يحمله عليه إلا بدليل؛ لأن حمل اللفظ على المجاز لا يجوز إلا بقرينة معينة له. (شرح الشيخ لطف الله على الفصول).
(٢) يعني فيكون هذا اللفظ ظاهراً فيه حتى يقوم دليل على خلافه، وقوله: أو الإجمال يعني إن قلنا: إنه متردد بين الوجوب والندب.
(٣) أي: بمكلف به، أو من الأحكام التكليفية. (منتخب).
(٤) يعني أن النزاع فيها مبني على تفسير لفظ التكليف، فإن فسر بإلزام ما فيه كلفة فليس بتكليف، أو بطلب ما فيه كلفة فتكليف.
وفي الحواشي: إن الخلاف لفظي في هذه - أي: كونه ليس بتكليف - وفي التي قبلها - أي: كونه مأموراً به - كما قال الجويني؛ لأن المندوب مطلوب بالاتفاق، فعلى هذا مطلوب هذه المسألة هل اقتضاء الشرع للمندوب أمر حقيقة أم لا، قيل: والصحيح أنه معنوي، وله فوائد، منها: إذا قال الراوي: أمرنا أو أمرنا النبي ÷ بكذا، فإن قلنا ... إلخ. (شيخ لطف الله على الفصول).
(٥) ولا إلزام في المندوب. (جلال).
(٦) والمندوب مطلوب اتفاقاً، ذكره في حواشي الفصول.
(٧) في المطبوع: وكان.