[الأحكام التكليفية]
  جهتهما امتنع التكليف به إلا عند بعض من أجاز التكليف بالمحال، ومنعه بعض من أجاز ذلك(١) نظراً إلى أن الإيجاب يتضمن جواز الفعل والتحريم يتضمن عدمه، وهما نقيضان، فكان تكليفاً محالاً في نفسه(٢)؛ لوقوع التناقض في الحكم نفسه لا في المحكوم به.
  وإن تعددت جهتهما فهو المقصود بالبحث والذي فيه الخلاف.
  وقد شمل أكثر ما ذكرناه قوله: (كون الشيء) يعني الواحد بالشخص (واجباً حراماً من جهة محال، إلا عند بعض من أجاز تكليف المحال،
(قوله): «نظراً إلى أن الإيجاب يتضمن جواز الفعل» وعدم جواز الترك «والتحريم يتضمن عدمه» أي: عدم جواز الفعل وجواز الترك.
(قوله): «لا في المحكوم به» الذي هو التكليف بالمحال؛ إذ يكون تكليفاً بفعل متصف بجواز الفعل وعدم جوازه.
(قوله): «وإن تعددت جهتهما» لعله أراد بذلك علتهما كما يؤخذ ذلك من قولهم: حسن الشيء لكذا أو قبح الشيء لكذا، ولا بد مع ذلك من كون أحد الجهتين غير لازمة للأخرى كما في صوم يوم النحر كما سيأتي اشتراط ذلك في كلام المؤلف #[١]، وسيأتي توضيح ذلك قريباً إن شاء الله تعالى.
(قوله): «وقد شمل أكثر ما ذكرناه ... إلخ» إنما قال: «أكثر» لأنه لم يذكر المتحد جنساً الذي تعلق الوجوب والتحريم بأفراده كما عرفت ذلك قريباً.
(١) قد يقال: أي وجه لمنع هذا البعض لهذا مع قوله بجواز التكليف بالمحال؟ وكونه تكليفاً محالاً لا يكفي في وجهية المنع؛ إذ مآلهما واحد، وهو امتناع الوقوع. وقد يجاب: بأن التكليف المحال وهو خلل في كلام الشارع يؤدي إلى سقوطه وعدم استقامة إفهامه، وهو لا يصدر عن حكيم، وأيضاً تنتفي عنه فائدة التكليف، وهي الابتلاء؛ لأنه إنما يتصور التهيؤ للامتثال وتوطين النفس عليه بعد صحته واستقامته وفهمه.
(٢) لأن معناه الحكم بأن الفعل يجوز تركه ولا يجوز تركه. (عضد).
وفي حاشية: فإن قلت: هل فرق بين التكليف بالمحال والتكليف المحال؟
قلت: نعم، الأول أن يكون لخلل في المأمور به، والثاني أن يكون لخلل في المأمور، كالغافل ومثل الصبي والنائم والمجنون. (حلواني شارح منهاج البيضاوي).
[١] إذ لو كانت الجهتان متلازمتين فحكمه حكم ما اتحدت الجهة، فلا خلاف فيها. (ح عن خط شيخه).