فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  الكون في الحيز(١)، وهو واحد، مأمور به من جهة كونه جزء الصلاة المأمور بها، ومنهي عنه من جهة كونه نفس الغصب المنهي عنه، فهو(٢) ذاتي للصلاة بمعنى جزء الماهية، وللغصب(٣) بمعنى نفس الماهية، فاتحد متعلق الأمر والنهي واختلفت الجهتان.
  والمنع(٤) للعترة وأحمد بن حنبل والظاهرية وجمهور المتكلمين ورواية عن مالك، فلا تصح ولا يسقط الطلب بأدائها في الوقت وقضائها(٥) بعده؛ إذ الصلاة المأمور بها متروكة.
  والجواز لأكثر الفقهاء، فتصح.
(قوله): «والجواز لأكثر الفقهاء فتصح» قال المحلي في شرح الجمع: قيل: ولا يثاب عليهما[١] عقوبة، وقيل: يثاب من جهة الصلاة وإن عوقب من جهة الغصب، فقد يعاقب بغير حرمان الثواب أو بحرمان بعضه. وهذا القول هو الذي صدره في الفصول عنهم.
= وكل منهما عام عند من أثبت العموم أو مطلق عند من لا يثبته، وبينهما عموم وخصوص من وجه؛ لأنهما يجتمعان في أكوان الصلاة في الدار المغصوبة، ويفترقان في غيرها؛ فتوجد صلاة لا غصب معها ومغصوب لا صلاة معه، فالتعارض بين الأمر والنهي إنما هو في مادة الاجتماع؛ لأن النهي عن إحدى الصفتين نهي عن موصوفها، والأمر بإحدى الصفتين أمر بموصوفها، فمن رجح النهي على الأمر لزمه القول بأن تلك الأكوان منهي عنها، ولا يصح حينئذ أن تكون مأموراً بها وإن اختلفت علة الأمر والنهي؛ لأنه يستلزم طلب جمع النقيضين، وقد عرفت استحالة تصوره، ثم قد عرفت أن الصحة موافقة الأمر كما سيأتي، ولا أمر مع النهي؛ لتناقضهما، وكذا نقول لمن قال: لا يصح: إن نفي الصحة مبني على بقاء النهي حال الأمر، وهو محال، فلا بد من إهدار واحد من الأمر أو النهي بترجيح أحدهما على الآخر. (شرح الجلال على المختصر).
(١) إشارة إلى أن الكون هاهنا المتعارف بين المتكلمين، ومعناه حصول الجوهر في الحيز، وليس مجازاً عن الفعل الملزوم له، وهو القيام والقعود ونحوهما.
(٢) في (أ، ب): وهو.
(٣) قوله: «وللغصب» أي: وذاتي للغصب ... إلخ، وقوله: «فاتحد متعلق الأمر والنهي» الذي هو الكون في الحيز.
(٤) في نسخة: المنع، وقد ضرب سيلان على الواو.
(٥) أي: المطالبة ثابتة بالتأدية في الوقت والقضاء بعده.
[١] هكذا في المطبوع، ولفظ المحلي: ولا يثاب فاعلها عقوبة له عليها من جهة الغصب، وقيل: يثاب ... إلخ.