هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 624 - الجزء 1

  وقال القاضي أبو بكر الباقلاني والرازي: لا تصح⁣(⁣١)، ويسقط الطلب عندها لا بها؛ إذ قد يسقط الفرض عند فعل ما هو معصية، كمن شرب مجنِّناً⁣(⁣٢) حتى جن سقط عنه الفرض، فكانت كالعلامة على السقوط يحصل عندها، لا على⁣(⁣٣) ما هو شأن خطاب التكليف من سقوط الطلب بالإتيان بالمأمور به.

  هذا كلام الباقلاني، والملجئ له إلى ذلك التوفيق بين الأدلة، قال في المحصول: لأنا بينا بالدليل امتناع ورود الأمر بها⁣(⁣٤)، والسلف أجمعوا على أن الظلمة لا يؤمرون بقضاء الصلاة المؤداة في الدور المغصوبة.

  لنا: أنها (كصوم يوم النحر) في اتحاد متعلق الأمر والنهي واختلاف جهتهما؛ لكونه مأموراً به من حيث إنه صوم، ومنهياً عنه من حيث إنه في يوم النحر، فلو كفى تعدد الجهة في صحة الصلاة في الدار المغصوبة لصح صوم يوم


(قوله): «والسلف أجمعوا ... إلخ» يعني: فاحتيج إلى التوفيق بين الدليلين بالحكم بعدم صحتها والحكم بأن سقوط التكليف لا بها⁣[⁣١]، ورد بأن المسقط للطلب إنما هو موافقة أمر الشارع فقط.

(قوله): «كصلاة في مغصوب وقوله: كصوم يوم النحر» الأول مجرد تمثيل، والثاني استدلال بطريق الإلزام، فيكون إشارة إلى قياس استثنائي كما حققه في الشرح بقوله: فلو كفى ... إلخ، أي: قالوا بطريق الإلزام: لو كفى ... إلخ.


(١) أي: ليست بطاعة. (فصول بدائع).

(٢) أي: مغيراً. اهـ وجوابه أن ذلك لرفع الأهلية لا لفعل ما كلف به مع بقائها. (فصول البدائع).

(٣) في (ب): لا بها على ما.

(٤) أي: بالصلاة في الدار المغصوبة.


[١] في المنتخب وشرحه للقرافي ما لفظه: قوله: إن ثبت الإجماع على سقوط القضاء وهو [فهو (ظ)] المطلوب، وإن لم يثبت وجب أن يسقط عندها لا بها، معنى هذا الكلام: أنها إذا كانت مأموراً بها وصفت في مغصوبه بنعت الوجوب وصلحت سبباً لبراءة الذمة وإسقاط القضاء، فيكون القضاء بها؛ لأن الباء للسببية، وإن لم تكن مأموراً بها لم تصلح لبراءة الذمة؛ فإن ما ليس بواجب لا يبرئ عن الواجب فلا يصلح أن يسقط القضاء بها، بل يسقط القضاء عندها كما اتفق لأبي بردة لما ذبح جذعاً من المعز أسقط الشرع عنه الأضحية عند ذبحه لا به فإنه لا يصلح مسقطاً للأضحية؛ فلذلك قال له: لا تجزي أحداً بعدك. (ح).