فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  النحر لتعددها(١).
  وأجيب: بأنه لا يكفي تعدد الجهة مع كون إحدى الجهتين لازمة للأخرى؛ لأنا
(قوله): «لتعددها» أي: الجهة؛ لكونه مأموراً به من حيث إنه صوم إذا نذر يوماً وصام في يوم النحر أو قضى رمضان فيه، ومنهياً عنه من حيث إنه في يوم النحر.
(قوله): «وأجيب بأنه لا يكفي ... إلخ» هذا الجواب ذكره ابن الحاجب وشراح كلامه رداً لكلام أصحابنا.
وبيانه: أن النهي عن صوم يوم النحر لزم منه كون إحدى الجهتين - أعني جهة النهي، وهي صوم يوم النحر - مستلزمة للجهة الأخرى التي هي جهة الأمر، أعني الصوم المطلق، بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة فلم ينه عنها كما عرفت.
وحاصل هذا الجواب: تخصيص الدعوى بما يجوز انفكاك الجهتين فيه كما ذكره في شرح المختصر.
(قوله): «مع كون إحدى الجهتين لازمة للأخرى» هكذا عبارة السعد، فاللزوم من جانب واحد كاف في إبطال تأثير تعدد الجهتين، كما في صوم يوم النحر فإنه قد حصل فيه الانفكاك من جانب واحد، وهو انفكاك مطلق الصوم الذي هو واجب عن خصوصية كونه في يوم النحر، لا من الجانب الآخر وهو صوم يوم النحر؛ إذ لم ينفك عن مطلق الصوم، هذا ما تقضي به عبارة المؤلف والسعد.
وأما بعض أهل الحواشي فإنه اشترط في عدم تأثير الجهتين أن يتلازما من الجانبين ولم يكتف باللزوم من جانب، ومثل تلازمهما بأن ينهاه[١] عن صوم يوم النحر ويأمره بالصوم في غيره، وتحقيق كلامه يؤخذ من حاشية على الحاشية =
(١) وأجيب بأن صوم يوم النحر وصف غير منفك عن الصوم بوجه، بل هو جزئي من الصوم لا وصف له، أما قوله: فلا يتحقق فيها الجهتان فقد عرفناك أن المراد بالجهة علة الأمر والنهي، وجهة النهي عن صوم يوم النحر كونه مانعاً من سنة الترفيه على النفس لا كونه صوماً، والمانعية كالغصبية كلاهما وصف منفك عن مطلق الصلاة والصوم. فالصواب في الجواب هو: أن الصوم المأمور به عام أو مطلق، والمنهي عنه خاص أو مقيد، ولا تعارض بين عموم وخصوص مطلقين؛ لوجوب تقديم الخاص على العام، وإنما يحصل التعارض بين عموم وخصوص من وجه في مادة واجتماعهما فلا يمكن التخصيص ولا التقييد، وإنما الممكن الترجيح أو التخيير لما حققناه آنفاً. (مختصر وشرحه للجلال مع حذف يسير).
(*) على أنه لا إجماع على عدم صحة صومه، ومن صححه يمنع بطلان اللازم؛ لأنه يرى أن النهي للكراهة، فهو لوصف منفك هو كون الصوم مانعاً عن سنة الترفيه على النفس، والنهي لأمر خارج لا يقتضي الفساد. (شرح جلال).
[١] يحقق كلام بعض أهل الحواشي ويؤخذ من موضعه إن شاء الله تعالى؛ إذ المراد التمثيل لما كان التلازم بين الجهتين من الجانبين، وهذا المثال لا تلازم بينهما، بل هما متباينان كما لا يخفى. (ح عن خط شيخه).