فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  جهة واحدة فالملازمة باطلة، قوله(١): إذ لا مانع سواه. قلنا: ممنوع؛ فإن من الموانع عندنا كون الشيء الواحد متعلقهما باعتبار جهتين(٢). وإن أردت به ما يشمل الأمرين فلا نسلم بطلان اللازم(٣)، وما نحن فيه من الثاني؛ فإن الصلاة
(قوله): «فالملازمة باطلة» إذ لا يتعين أن يكون عدم الصحة لاتحاد المتعلق من جهة واحدة، بل يجوز أن يكون لاتحاد المتعلق من جهتين أيضاً، وحينئذ ما ذكره المخالف في بيان الملازمة من أنه لا مانع سواه - أي: سوى اتحاد المتعلق من جهة واحدة - ممنوع، فإن من الموانع كون الشيء الواحد متعلق الأمر والنهي باعتبار جهتين.
(قوله): «ما يشمل الأمرين» أي: ما اتحدت جهته وما تعددت مع اتحاد المتعلق.
(قوله): «فلا نسلم بطلان اللازم» وهو اتحاد المتعلق، بل نقول: هو متحد، لكن المؤلف # قد رتب بطلان اللازم[١] على ما يشمل اتحاد الجهة، وقد عرفت أن اللازم على تقدير اتحادها هو منع الملازمة لا بطلان اللازم، إلا أن يقال: هو مترتب على المجموع من حيث هو مجموع لا على خصوصية ما اتحدت جهته فلا تسامح، فتأمل. (قوله): «وما نحن فيه من الثاني»: يعني مما كان الشيء الواحد متعلقهما باعتبار جهتين. لكن قد عرفت أن اجتماعهما في شخصي لا يلزم منه التناقض. لا يقال: إن المخالف بين بطلان اللازم بتعدد المتعلق حقيقة؛ حيث ذكر أن متعلق الأمر الصلاة ومتعلق النهي الغصب كما سبق، وبين ذلك بعض المحققين[٢] من أهل الحواشي بأن متعلق الأمر في الحقيقة هو الكون المطلق الذي هو جزء الصلاة أعم من أن يكون في الدار المغصوبة أو غيرها، لا هذا الكون المخصوص بكونه في الدار المغصوبة، وكذا متعلق النهي مطلق الكون في الدار المغصوبة أعم من أن يكون جزء الصلاة أم لا، فمتعلق الأمر في الحقيقة هو المفهوم الكلي، وكذا متعلق النهي مفهوم كلي[٣]. انتهى. إذا عرفت ما ذكرنا فالمؤلف # بين عدم بطلان اللازم باتحاد المتعلق مع تعدد الجهة، وبنى عليه كلامه في هذا الجواب جميعه، والمخالف جعل المتعلق متعدداً، وبين بذلك بطلان اللازم، فلم يتوارد الكلامان على مقصد متحد، فكان الأولى أن يتعرض المؤلف # لإبطال ما ذكروه من تعدد المتعلق - لأنا نقول: ما ذكرته الأشعرية من بيان تغاير متعلق الإيجاب والتحريم بأن المطلوب هو المفهوم الكلي تكلف منهم؛ لاعترافهم في محل النزاع بأن متعلق الإيجاب والتحريم هو الواحد بالشخص له جهتان، =
(١) أي: في بيان الملازمة.
(٢) وجوب الصلاة وحرمة الغصب.
(٣) ما اتحد المتعلق مع تعدد الجهتين.
[١] أي: منعه.
[٢] هو ميرزاجان. اهـ ح.
[٣] ثم قال ميرزاجان بعد هذا: وقد أشار الشارح المحقق إليه حيث قال: وذلك لا يخرجهما عن حقيقتيهما اللتين هما متعلقا الأمر والنهي فلا تغفل، وبين هذين المفهومين عموم من وجه إلا أن المكلف اختار اجتماعهما في مادة الاجتماع، فتلك المادة المخصوصة من حيث الخصوص ليست واجبة لجواز تركها، وعدم ترك الصلاة المعينة بعد الشروع فيها يثبت بخطاب آخر، ولا يدل عليه الخطاب الذي يثبت به وجوب الصلاة، وهو ظاهر، بل هو فرد لما هو الواجب، وكذا ليس حراماً لخصوصه، بل لأنه مشتمل على هيئة الغصب الذي هو الحرام لذاته، ففي الصورة المذكورة وإن اجتمع متعلقا الأمر والنهي لكن لا يتحدان، والمحال هو الثاني دون الأول، والذي فرض وهو أن متعلقهما واحد فإنما هو بحسب الظاهر بناء على أن فرد المتعلقين كان واحداً فيهما. (ميرزاجان).