فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  في الدار المغصوبة أحد أجزائها الكون الذي هو الحركة والسكون، وهذا الكون بعينه منهي عنه، فأحد أجزاء هذه الصلاة منهي عنه مع الأمر بجميع أجزائها، هذا خلف.
  والصلاة مطلقاً وإن انفكت باختيار المكلف عن الكون المعين لكن الصلاة
= ولأنهم قد صرحوا في جوابهم عن استدلال أصحابنا بأن المتعلق هو الواحد بالشخص كما ذكره ابن الحاجب حيث أجابوا بأن متعلق الأمر والنهي واحد لكن يتعدد باعتبار الجهتين، مع أن ما ذكروه من كون المطلوب هو المفهوم الكلي مدفوع بأنه مبني على صحة طلب الماهية الكلية، وسيأتي في باب الأمر إن شاء الله تعالى منع ذلك، وأن المختار أن الطلب إنما يتعلق بالجزئيات، مع أنه يلزمهم من القول بذلك[١] أن لا تكون الصلاة الشخصية واجبة؛ لأن متعلق الوجوب والأمر غيرها، والمكلف هو الذي جعلها متعلقاً للوجوب باختياره، وحينئذ يجوز له تركها؛ ولورود هذا الإلزام تكلف هذا البعض من أهل الحواشي لدفعه بأن تلك المادة من حيث الخصوص وإن كانت غير واجبة إلا أنه لا يجوز تركها بعد الشروع فيها لخطاب آخر غير الذي ثبت به وجوب الصلاة، وأن قولهم بأن متعلق الأمر والنهي واحد إنما هو بحسب الظاهر بناء على أن فرد المتعلقين كان واحداً فيهما. انتهى
إذا عرفت ما ذكرنا فالمؤلف # لم يعول على التعرض لدفع ما ذكروه في بيان بطلان اللازم لبطلانه، بل عدل إلى ما هو الحق عند الفريقين من أن المتعلق هو الفعل الشخصي، وبنى عليه عدم بطلان اللازم، فكأن المؤلف قال: ما ذكرتموه في بيان بطلان اللازم ممنوع، بل المتعلق هو الفعل الشخصي[٢]، وحينئذ فلا نسلم بطلان اللازم ... إلخ، ولو قال كذلك لكان أظهر، فتأمل فالمقام من المضائق، ومن تأمل كلام الفريقين في هذه المسألة لاح له الانضراب من الجانبين مع المحافظة على ما هو محل النزاع، والله أعلم.
(قوله): «وهذا الكون بعينه» قد عرفت أن هذا مبني على ما هو الحق من أن الإيجاب والتحريم وإن تعلق في الظاهر بالكون المطلق فمتعلقه في الحقيقة هو الأكوان الجزئية، وأن قول المخالف بأن المطلق هو متعلقهما حقيقة ممنوع.
(قوله): «والصلاة مطلقاً، أي: غير مقيدة بكونها في المكان المغصوب أو غيره.
(قوله): «وإن انفكت ... إلخ» هذا رد لما أجاب به المخالف من أن المتعلق وإن اتحد كما ذكره المؤلف فهو متعدد بالاعتبار لأجل الجهتين.
وبيان ذلك: أن المؤلف # كما عرفت بنى الجواب على أن متعلق الإيجاب والتحريم هو الكون الشخصي، وهو مقتضى استدلال أصحابنا على عدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة على ما نقله ابن الحاجب عنهم.
وقد عرفت أن ابن الحاجب وشراح كلامه أجابوا عن استدلالهم بأن المتعلق وإن اتحد فهو متعدد باعتبار الجهتين المنفك كل منهما عن الأخرى، =
[١] وحينئذ لا تكون هذه الصلاة واجبة محرمة، وهو خلاف محل النزاع. (حسن بن يحيى. ح).
[٢] يدل عليه قوله # في بيان عدم بطلانه: وهذا الكون بعينه منهي عنه، فأحد أجزاء هذه الصلاة ... إلخ، وقوله فيه أيضاً: لكن الصلاة المعينة. (حسن بن يحيى. ح).