فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  المعينة غير منفكة، والكلام في المعين، فثبت اتحاد متعلق الأمر والنهي في الصلاة في الدار المغصوبة.
  (وتعدد الجهة) فيها (لا يفيد مع اتحاد المتعلق) كما حققناه، على أن تعدد الجهة مع اتحاد المتعلق كاتحادهما في استلزام الصحة للتكليف المحال، بيانه: أن الحركات والسكنات المخصوصة في الصلاة داخلة في ماهيتها، وشَغْل
= فاحتاج المؤلف # إلى دفع ما ذكروه من التعدد الاعتباري بأن جهة الصلاة مطلقاً وإن انفكت عن الكون المعين[١] الذي هو الغصب لكن الصلاة المعينة غير منفكة عن الكون المعين الذي هو الغصب؛ إذ الكلام في المعين، لما عرفت من أنه هو المتعلق حقيقة، وإذا لم تنفك الصلاة المعينة عن الكون المعين الذي هو الغصب فقد صار إحدى الجهتين لازمة للأخرى كما في صوم يوم النحر سواء.
وهذا من المؤلف بناء على أن المراد بالانفكاك انفصال إحدى الجهتين عن الأخرى، وقد سبق أن المراد عندهم تعقل إحداهما بدون الأخرى كما نقله المؤلف # عنهم حيث قال: وكل منهما يتعقل انفكاكه عن الأخرى، والانفكاك حاصل بهذا المعنى. هذا تقرير ما قصده المؤلف #، وظاهر العبارة أن قوله: وإن انفكت ... إلخ رد لقولهم في الاحتجاج: وكل منهما يتعقل انفكاكه عن الآخر، ولا يخفى أنهم لم يذكروا ذلك بياناً لانفكاك جهتي المتحد شخصاً، وإنما ذكروا ذلك بياناً لانفكاك المتعلقين بناء منهم على تعددهما وتغايرهما.
(قوله): «فثبت ... إلخ»: أي: بما ذكره المؤلف # من أن متعلق الإيجاب والتحريم هو الفعل الشخصي بناء على ما عرفت من بطلان تعلقهما بالكون المطلق.
و (قوله): «تعدد الجهة فيها» أي: في الصلاة المعينة، إشارة إلى رد جوابهم بأن المتحد متعدد بالاعتبار نظراً إلى تعدد الجهتين.
(قوله): «لا يفيد مع اتحاد المتعلق كما حققناه» حيث بين المؤلف أن الصلاة المعينة غير منفكة عن الغصب، فتكون إحدى الجهتين لازمة للأخرى كما في صوم يوم النحر عندهم.
(قوله): «على أن تعدد الجهة ... إلخ»: هذا وجه آخر لبيان عدم إفادة تعدد الجهة مع اتحاد المتعلق، وهو أظهر في بيان عدم الإفادة من الوجه الأول؛ فلذا صدره المؤلف بلفظ على المشعرة بذلك. وبيان ذلك: أن حاصل الوجه الأول أن الجهتين لا تأثير لهما لعدم الانفكاك في الصلاة الشخصية، وحاصل هذا الوجه أن الجهتين كالجهة الواحدة في استلزام الصحة للتكليف ... إلخ، فقوله: «كاتحادهما» أي: المتعلق والجهة.
(قوله): «بيانه» أي: بيان ما ذكرنا من أن المتعدد [التعدد (ظ)] كالاتحاد في استلزام المحال أن الحركات والسكنات ... إلخ. اعلم أنه لم يظهر من كلام المؤلف # في هذا البيان جميعه كون الجهتين كالجهة؛ إذ حاصله كالوجه الأول، وهو بيان اجتماع الإيجاب والتحريم في واحد بالشخص هو الصلاة، أو اجتماع الوجوب والتحريم في شخصي هو جزء الصلاة كما ستعرف ذلك، وهذا لا يفيد المطلوب، أعني كون الجهتين كالجهة[٢].
[١] يقال: تعقل الانفكاك صادق على الانفصال مغاير لتعقل إحداهما بدون الأخرى، فلا يصح دعوى نقل المؤلف. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد).
[٢] ولعله يقال: إنه لما ظهر من البيان المذكور مع تعدد الجهة لزوم التناقض على قولهم بقوله فيه: فهذه الصلاة لكون جزئها حراماً لا تكون واجبة ... إلخ إلى أن قال: ويلزم منه إيجاب ما كان من أجزائها حراماً، وهو محال. يعني لأنه قد كان غير واجب - كان وجود تعدد الجهة واتحادها على سواء في عدم لزوم التناقض، فثبت حينئذ كون الجهتين كالجهة، والله أعلم. (حسن بن يحيى).