فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  الحيز جزؤُهما؛ إذ الحركة عبارة عن شغل الجوهر للحيز بعد أن كان في غيره، والسكون عن شغله(١) أكثر من زمان واحد، فيكون شغل الحيز جزء ماهية الصلاة؛ لأن جزء الجزء جزء، لكن شغل الحيز فيما نحن فيه حرام، فهذه الصلاة لكون جزئها حراماً لا تكون واجبة(٢)؛ لأن النهي عن الجزء نهي عن الكل، والمنهي عنه لا يكون واجباً، وتكون واجبة؛ لأن الأمر بالكل أمر بالجزء لتوقفه عليه، ويلزم منه إيجاب ما كان من أجزائها محرماً، وهو محال.
  وأيضاً لو صحت(٣) لوجبت؛ لعدم القائل بالفصل، ووجوبها يستلزم وجوب جميع أجزائها، وقد ثبت أن بعضها حرام، فيكون بعضها واجباً حراماً، وهو محال.
(قوله): «وشغل الحيز جزؤهما» أي: جزء الحركات والسكنات.
(قوله): «إذ الحركة عبارة عن شغل الجوهر للحيز ... إلخ» جعل المؤلف # الحركة والسكون هنا نفس شغل الحيز وفيما سبق جعلها عبارة عن نفس الكون كما في عبارة السعد.
(قوله): «بعد أن كان» أي: الجوهر «في غيره» أي: غير الحيز، والمراد أن الحركة عبارة عن مجموع الشغلين؛ ليظهر بذلك تركب الحركة وكون شغل الحيز جزء الحركة فيوافق ما ذكره السعد من أن الحركة عبارة عن مجموع الكونين. قلت: وكذا السكون.
(قوله): «لأن جزء الجزء» هو شغل الحيز؛ فإنه جزء للحركة التي هي جزء الصلاة.
(قوله): «وتكون» أي: الصلاة «واجبة» عطف على قوله: «لا تكون واجبة»، يعني وهذا تناقض.
(قوله): «لأن الأمر بالكل أمر بالجزء» لو قال: لأنها مأمور بها، والأمر بالكل أمر بالجزء ... إلخ لكان أحسن.
(قوله): «وأيضاً لو صحت» أي: الصلاة في الدار المغصوبة «لوجبت» يريد في هذه الصورة المعينة المتنازع فيها خاصة؛ ولذا بين المؤلف # الملازمة بقوله: لعدم القائل بالفصل، يعني بين صحتها ووجوبها، واللازم - وهو وجوبها - باطل؛ لاستلزامه المحال المذكور، فيبطل الملزوم، وهو صحتها.
وحاصل هذا الوجه كالذي قبله في استلزام الصحة للتكليف المحال، إلا أن هذا بواسطة؛ لأن تقدير الكلام هنا: لو صحت لوجبت، ولو وجبت لوجب جزؤها، ولو وجب جزؤها وقد ثبت أنه حرام لاجتمع فيه الوجوب والتحريم، وهو محال.
(١) في حاشية ما لفظه: المصدر بفتح الشين، وبضمها الاسم بمعنى المصدر. ذكر معناه في المصباح وشمس العلوم.
(٢) لأن وجوبها إن استلزم وجوب جميع أجزائها يلزم وجوب الجزء الحرام، وهو تكليف ما لا يطاق، وإن لم يستلزم وجوب الصلاة وجوب جميع أجزائها كان الواجب بعض أجزاء الصلاة لا نفسها؛ لأن الجزء مغاير للكل. (بدائع للأصفهاني).
(٣) إن قيل: لا يلزم من صحتها في ذلك المكان وجوبها في غيره من الأماكن المباحة.