هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 634 - الجزء 1

  القائلين ببقاء الطلب، وكيف يدعي الإجماع مدع مع مخالفة من لا اعتداد مع مخالفتهم بقول قائل، أعني العترة الطاهرة المعصومة جماعتهم عن الخطأ؟ مع أنه قد أشار الجويني في البرهان إلى منع الإجماع أيضاً بقوله: كان في السلف⁣(⁣١) متعمقون في التقوى يأمرون بالقضاء.

  وقال في التنقيحات: أما دعوى الإجماع فيه مع مخالفة أحمد ففاسد⁣(⁣٢)، فإذا منع لا يتأتى تصحيحه بوجه، ثم نسبة إمام من أئمة المسلمين إلى أنه خالف الإجماع ومات ميتة جاهلية إفك وتبديع بناء على مجرد الوهم، ثم إن أحمد ما أنكر أحد فضله في الأمور النقلية، فكيف تواترت قضية الإجماع في خراسان على قريب من خمسمائة سنة إلى متوسط في النقليات أو ضعيف ولم تصل على قريب المائتين⁣(⁣٣) إلى أشد الناس بحثاً في النقليات المخالط لحملة الأنباء في مواطنهم؟ هذا آخر الكلام في الصلاة في الدار المغصوبة.

  (و) أما (الخروج من) موضع (مغصوب⁣(⁣٤)) توسط فيه بدخوله مختاراً ثم


= بل المراد أن الإجماع لو ثبت لعرفوه فلم يخالفوا، هكذا في شرح المختصر، لكن قول المؤلف #: مع مخالفة من لا اعتداد مع مخالفتهم ... إلخ يشعر بأن المراد أن المخالفة تمنع الانعقاد لا الخفاء، اللهم إلا أن يقال: هذا وجه آخر مستقل في إبطال دعوى الإجماع على الصحة. وعبارة المؤلف كعبارة شرح الفصول للشيخ العلامة |.

(قوله): «وقال في التنقيحات ... إلخ» هذا تشنيع على الغزالي ¦ حيث قال: الإجماع حجة على أحمد، ذكره في الحواشي.

(قوله): «وأما الخروج ... إلخ» قال الشيخ العلامة ما حاصله: يعني أن هذا الكلام والخلاف المتقدم فيما إذا أمكن الامتثال بدون وحدة المتعلق وإنما اتحد المتعلق باختيار المكلف كما في الصلاة في المغصوب، وأما إذا لم يمكن الامتثال إلا بوحدة المتعلق فقد ذكر حكمه بقوله: وأما من خرج ... إلخ، وما ذكره الشيخ تبع فيه ما ذكره شارح المختصر، وأما المؤلف # فلم يتعرض له؛ لأن ذلك لا يناسب ما سبق له⁣[⁣١] # من أن الانفكاك لا يفيد في الصلاة الشخصية.


(١) في المطبوع: كان السلف متعمقون.

(٢) يعني إذا منع أحمد سقوط الطلب عندها ... إلخ لا يتأتى تصحيح الإجماع.

(٣) في (ج): من المائتين.

(٤) في التحرير وشرحه لابن الهمام: (هذا وأما الخروج) من الأرض المغصوبة (بعد توسطها ففقهي) أي: فالبحث عن حكمه بحث فرعي (لا أصلي) لأن الأصولي يبحث عن أحوال الأدلة للأحكام، لا عن أحوال أفعال المكلفين فإنه وظيفة الفقيه (وهو) أي: الحكم الفرعي له (وجوبه) أي: الخروج منها على قصد التوبة ونفي المعصية عن نفسه (فقط) أي: لا حرمته كما هو قول أبي هاشم: إنه مأمور به لأنه انفصال له عن المكث، ومنهي عنه لأنه تصرف في ملك الغير.


[١] ينظر في هذا التعليل فإنه غير ظاهر مع التأمل، ولعل المؤلف لم يتعرض للفرق لظهوره، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).