هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 635 - الجزء 1

  تاب فهو مختلف فيه، والجمهور على أنه (بشرطه واجب) لأنه مأمور به فلا يكون منهياً عنه، وإلا لزم⁣(⁣١) المحال، وشرطه السرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضرراً.

  (والقول باستصحاب حكم المعصية) على الخارج في حال خروجه مع القول بوجوبه (بعيد) إذ لا معصية إلا بفعل منهي عنه⁣(⁣٢) أو ترك مأمورٍ به،


(قوله): «والقول باستصحاب حكم المعصية» هكذا عبارة الفصول وابن الحاجب، والمراد بحكم المعصية هو العقوبة⁣[⁣١]، والظاهر من هذه العبارة أن المعصية ليست نفس الخروج لأنه مأمور به كما صرح به في الفصول وليس بمنهي عنه، بل المعصية إنما حصلت عند الخروج بسبب الإلجاء، وقد صرح بذلك الشيخ العلامة في شرح الفصول حيث قال: بل هو مطيع بالخروج وعاص أيضاً لا لأجل خروجه، بل لأنه مستصحب عند الخروج حكم المعصية؛ لأنه بدخوله ألجأ نفسه⁣[⁣٢] إلى التصرف في ملك الغير إلى آخر ما سيأتي عن الإمام المهدي #. هذا تحقيق عبارتهم في بيان مذهب الجويني، لكن فيما نقله المؤلف # عن البرهان ما يقضي بأن المعصية نفس الخروج حيث قال: وليس خارجاً عن العدوان ... إلخ، وحيث جعل الخروج كالصلاة في الدار المغصوبة، فينظر في تأويل ما نقله المؤلف عن البرهان⁣[⁣٣]. واعلم أن صاحب الفصول جعل مذهب أبي هاشم كمذهب الجويني، وهو مقتضى ما نقله المؤلف # عن الإمام المهدي # في تأويل كلام أبي هاشم؛ إذ هو يدل على أن أكوان الخروج ليست بمعصية، وأما كونه عند الخروج مستصحباً لحكمها فإنما ذلك لأجل الإلجاء فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «بعيد» قد عرفت أنهم إنما حكموا بالاستبعاد دون الاستحالة لأن دوام حكم =


(١) يعني لزم التكليف المحال. (من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(٢) قوله: «إلا بفعل منهي عنه» يعني نهي تحريم «أو ترك مأمور به» يعني أمر إيجاب.

(*) قوله: «أو ترك مأمور به» والحصر عند الجويني ممنوع؛ لجواز أن تكون بتسبب منهي عنه بالاختيار، وهو أقرب من المعصية⁣[⁣٤] بفعل الغير. (فصول البدائع).


[١] وفي شرح التحرير لابن الهمام ما لفظه: واستصحاب المعصية عبارة عن إبقاء حكمها عليه مع إيجاب الخروج؛ بناء على أن الاستيلاء على ملك الغير بالدخول لم يزل ما لم يتم الخروج. اهـ ح.

[٢] قال المحقق الجلال: وما قيل: إنه بالدخول ألجأ نفسه إلى التصرف في ملك الغير حال توبته فعليه عقاب ذلك الإلجاء مدفوع بأنه هو الدخول نفسه، ولا نزاع في الإثم به؛ ولهذا افتقر إلى التوبة، إنما النزاع في الإثم بالخروج بعد التوبة. فإن قيل: فلتعتبر في الخروج الجهتان⁣[⁣٠] كالصلاة في الدار المغصوبة. أجيب بالفرق باستحالة ترك الغصب بالخروج وعدم استحالة ترك الغصب بنفس الصلاة. (من شرح الفصول. ح).

[٠] في المطبوع: فلتعتبر في الخروج الجزئيات، والمثبت من شرح الفصول.

[٣] ولعله يقال: معنى قوله في البرهان: «عاص لبقائه من وجه» أنه عاص من حيث بقاء حكم العصيان عليه، وإلا فالخروج ليس بعصيان كما صرح به الشيخ في قوله: وعاص أيضاً لا لأجل خروجه، بل لأنه ... إلخ، ويؤدي هذا الجواب قوله: فإن قيل ... إلخ فتأمل، والله أعلم. (حسن بن يحيى من خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).

[٤] في فصول البدائع: التعصية.