هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 639 - الجزء 1

  وخرجت به إلى ملك الغير، فإن ركبها في موضع تعد ضمن ما أتلفت، وإلا لم يضمن، ما ذاك إلا لتعديه في ابتداء الأمر، وهذا عند دخوله المكان المغصوب عالم بأنه إذا تاب لم يخلص عند توبته عن استعمال المغصوب، فيكون عليه عقاب الغصب قبل التوبة وعقاب إلجائه نفسه في الابتداء إلى استعمال المغصوب عند التوبة، فصار كالعاصي في حال خروجه؛ إذ لم يخلص من استعمال الغصب في الخروج، وهو الذي ألجأ نفسه إلى أن لا يمكنه التخلص، وهذا أقرب ما يحمل عليه كلام أبي هاشم، وهو واضح كما ترى.

  وقد تأوله الجويني بمثل مقالته، ولأجل ما ذكرنا من التأويلات⁣(⁣١) كان الحكمُ عليه بأنه أبعد أقربَ من نظمه في سلك المحال.

  وما ذكره الإمام المهدي # من التأويل قريب إلى الصواب، إلا أنه لا عقاب في حال الخروج على إلجائه نفسه في الابتداء لأجل التوبة، ولا مساواة بينه وبين راكب الفرس وإن اشتركا في التعدي في الابتداء؛ لأن الضمان يجامع التوبة،


(قوله): «وهذا واضح كما ترى» هذا آخر المنقول عن الإمام المهدي #.

(قوله): «بمثل مقالته» أي: بمثل ما ذكره الجويني لنفسه من أنه عند الخروج مستصحب حكم المعصية لا أن الخروج نفسه معصية. واعلم أن تأويل الجويني هو الذي اعتمده في الفصول في تأويل كلام أبي هاشم كما عرفت، وهو قريب مما نقله المؤلف عن الإمام المهدي # في تأويل كلام أبي هاشم، فليس كلام الجويني مغايراً لما نقله المؤلف #، فلو جعل المؤلف # كلام المهدي بياناً لتأويل الجويني وذكره بعد قوله: وقد تأوله الجويني لكان صواباً.

(قوله): «من التأويلات» المتقدم تأويل الجويني وتأويل المهدي #، فلو قال: التأويلين⁣[⁣١] بصيغة المثنى لكان أولى.

(قوله): «قريب إلى الصواب» لا بد في تمام قربه من حمل كلام أبي هاشم على ما يلائم هذا التأويل.

(قوله): «يجامع التوبة» يعني أن ما ذكره أصحابنا من ضمان ما أتلفت الفرس إنما هو من قبيل ربط الأشياء بأسبابها، ولذلك يضمن غير المكلف إذا فعل سبب الضمان، وليس هذا من خطاب التكليف الذي يزول بالتوبة، وأما التكليف بتسليم الضمان فعلى الأولياء.


(١) تأويل الجويني وتأويل الإمام المهدي، ويحمل على قول من يرى أن أقل الجمع اثنان.


[١] ولعله بنى على ملاحظة جميع التأويلات الأول والآخر. (حسن بن يحيى من خط العلامة أحمد بن محمد). الظاهر أنه أراد بجميع التأويلات ما تقدم للجويني والمهدي وما سيأتي للمؤلف من قوله: ويمكن أن يحمل ... إلخ.