فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  بخلاف العقاب.
  ويمكن أن يحمل على أن له قولاً بعدم صحة التوبة من المسبَّب قبل وقوعه كما يقوله عباد بن سليمان، والخروج مسبَّب عن الدخول، وكل واحد منهما محظور يوجب التوبة، فإذا تاب قبل الخروج لم تصح توبته إلا من سببه، وهو الدخول، فيكون مرفوعاً عنه إثمه، غير تائب من الخروج ولا مرفوعاً عنه إثمه لعدم حصوله، فيكون الخروج(١) محرماً لكونه تصرفاً في ملك الغير، وواجباً لكونه تخلصاً عن ملك الغير، وغايته الموافقة لمن يقول بصحة الصلاة في الدار المغصوبة لتعدد الجهة، والقائل بصحتها غير قليل(٢).
  أو يحمل على أن الأمر متعلقه مطلق التخلص، والنهي متعلقه مطلق التصرف؛ بناء على أن الأمر بالمطلق والنهي عنه ينصرفان إلى الماهية لا إلى ما
(قوله): «ويمكن أن يحمل» يعني كلام أبي هاشم.
(قوله): «قبل وقوعه» أي: المسبب، كالتوبة عن القتل بعد خروج السهم وقبل الإصابة.
(قوله): «وغايته الموافقة ... إلخ» لما كان الحمل المتقدم لا تندفع به الاستحالة لاجتماع الوجوب والتحريم في الخروج احتاج المؤلف # إلى اعتبار الجهتين في دفع الاستحالة بهذا، لكن قد عرفت أن القائل بصحة الصلاة في الدار المغصوبة للجهتين لا يصحح اعتبار الجهتين فيما نحن فيه[١]؛ لعدم إمكان الانفكاك كما عرفت من المنقول[٢] عن شرح الشيخ العلامة وشرح المختصر؛ فلذا عدل المؤلف # عنه إلى قوله: أو يحمل على أن الأمر ... إلخ.
(قوله): «مطلق التخلص، وقوله: مطلق التصرف ... إلخ» هذا التأويل قريب مما ذكرته الأشعرية في الصلاة في الدار المغصوبة من أن الواجب والمحرم هو الكون المطلق، وقد سبق ما فيه من الكلام، ولما كان هذا التأويل لا يناسب المنقول عن أبي هاشم كما عرفت - فإنه مشعر بأن المتصف بالوجوب والتحريم هو الخروج الشخصي - عدل المؤلف عن ذلك فقال: أو يحمل على أنه يريد ... إلخ.
(١) سقط من المطبوع: الخروج.
(٢) لكن هناك جمعهما متوقف على اختياره بخلاف ما هنا فتأمل.
[١] بل يصحح اعتبار الجهتين اللتين ذكرهما المؤلف فيما نحن فيه، والانفكاك حاصل هاهنا كما يظهر من عبارة المؤلف، وعدم إمكان الانفكاك باعتبار الشخص، فهو كمسألة الصلاة سواء فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] الظاهر أن المانع عند الجمهور من اعتبار كونه واجباً محرماً عدم تحقق التحريم فيه مع التوبة كما صرح به المؤلف في قوله: فلا يكون منهياً عنه، وإلا فانفكاك الجهتين متحقق على ما حكاه المؤلف هنا، والله أعلم. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد).