هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 646 - الجزء 1

  على مقابله، والإباحة تستلزم تساوي الطرفين، وليس له أن يمنع التساوي؛ لأنه خلاف الضرورة والإجماع.

  (قيل) في الاحتجاج لما روي عن أبي القاسم البلخي: كل مباح (فِعْلُه تَرْكُ حَرَامٍ) فإن السكوت ترك للقذف، والسكون ترك للقتل (وهو) أي: الترك (واجب⁣(⁣١)) فالمباح واجب.

  فإن قيل: ليس تركاً للحرام، غايته أنه لا يحصل إلا به.

  أجيب: بأن ما لا يتم الواجب إلا به يجب بوجوبه.

  فإن قيل: الفعل ينقسم إلى مباح وواجب بالإجماع⁣(⁣٢)، ولا شيء من المباح بواجب.

  أجيب: بتأويل الإجماع⁣(⁣٣) بذات الفعل من غير نظر إلى ما يستلزمه من ترك الحرام، ولا يمتنع كون الشيء مباحاً لذاته واجباً لما يستلزمه.


(قوله): «ترك حرام» بيان ذلك⁣[⁣١] أن فاعل المباح لا يكون فاعلاً للحرام في وقت واحد؛ لأن فيه جمعاً بين الضدين، فهو تارك له.

(قوله): «وهو» أي: ترك الحرام «واجب» بيانه بشيئين: أحدهما: أن مقدمة الواجب واجبة، والثاني: أن تحريم الشيء إيجاب لأحد أضداده.

(قوله): «فإن قيل: ليس تركاً للحرام» أي: ليس المباح عين ترك الحرام؛ إذ السكون عن القتل ليس عين ترك القتل. ونظيره ما ذكروه من أن الأمر بالشيء ليس عين النهي عن ضده.

(قوله): «فإن قيل: الفعل ينقسم ... إلخ» يعني أن دليل الكعبي ودعواه مصادمة للإجماع فلا يسمع ذلك؛ لأن الفعل ... إلخ.


(١) بيان الصغرى أن فاعل المباح لا يكون فاعلاً للحرام في آن واحد؛ لأن فيه جمعاً بين الضدين، فهو تارك له. وبيان الكبرى من قاعدتين: إحداهما: مقدمة الواجب واجبة، والثانية: أن تحريم الشيء إيجاب لأحد أضداده. (برماوي).

(٢) قد تضمنت مقدمتين من الشكل الأول، وهما المباح قسيم الواجب، ولا شيء من قسيم الواجب بواجب، ينتج: لا شيء من المباح بواجب.

(٣) في التحرير وشرحه تتميماً لدليل الكعبي ما لفظه: إنما أولناه لقطعية دليلنا المذكور جمعاً بينه وبين الدليل القطعي بقدر الإمكان؛ إذ الأصل في الأدلة الإعمال لا الإهمال.


[١] هذا بيان للكبرى باعتبار اندراج موضوع الصغرى في موضع الكبرى، فهو في الحقيقة بيان للصغرى. (ح عن خط شيخه).