هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 647 - الجزء 1

  (قلنا) في الجواب عليه: لا نسلم أن كل مباح واجب لأن فعله ترك حرام (بل) هو (أخص) منه⁣(⁣١) (لإمكان) فعل (غيره) أي: غير المباح من واجب ومندوب ومكروه إن قلنا بامتناع انفكاك القادر منا عن الأخذ والترك، وإن قلنا بالجواز - كما هو الحق - فعدم الفعل كاف في الانتهاء عن الحرام.

  (قيل) بناء على امتناع الانفكاك عن الأخذ والترك⁣(⁣٢): هو واجب (مخير) والمدعى أصل الوجوب لا كونه واجباً معيناً.

  (قلنا): التخيير (إنما يكون في أمور معينة⁣(⁣٣)) بالاتفاق. قيل: التعيين


(قوله): «بل هو» أي: فعل المباح «أخص منه» أي: من ترك الحرام؛ لإمكان ترك الحرام بفعل غيره، أي: غير المباح، فقد وجد ترك الحرام بدون فعل المباح، فكان أعم.

(قوله): «إن قلنا بامتناع انفكاك القادر منا عن الأخذ والترك» المراد بالترك إما الكف أو فعل الضد⁣[⁣١].

(قوله): «وإن قلنا بالجواز» أي: جواز خلوه عنهما؛ بأن لا يكون لقدرته أثر أصلاً، كالمستلقي على قفاه فإنه خال عن الفعل والترك؛ لأن سكونه ليس أثراً لقدرته، بل لحصول ما منعه عن الهواء [الهوي (ظ)].

(قوله): «فعدم الفعل كاف ... إلخ» فلا توقف على فعل المباح حينئذ، وقد سبق تحقيق الكلام⁣[⁣٢] في بحث ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجباً فارجع إليه إن شاء الله تعالى.

(قوله): «قيل: مخير» يعني قد أجيب عن قولنا: إن فعل المباح أخص من ترك الحرام ... إلخ بأن فيه تسليم أن الواجب أحدها لا بعينه، فما يفعل فهو واجب قطعاً، غاية ذلك أنه واجب مخير لا معين، والكعبي لم يدع إلا أصل الوجوب.

(قوله): «قلنا: التخيير إنما يكون في أمور معينة بالاتفاق» لم يذكر في حواشي شرح المختصر الاتفاق، ولا بد من زيادته لينتهض الجواب.


(١) يعني فعل المباح أخص من ترك الحرام، وتقريره أنه يلزم من فعل المباح ترك الحرام، ولا يلزم من ترك الحرام فعل المباح؛ لإمكان غيره، ففعله أخص من ترك الحرام، والأخص غير الأعم.

(٢) وكلاهما فعل؛ لأن الأخذ فعل مباشر، والترك كف عند أبي علي وأبي القاسم البلخي.

(٣) لأنه لا يتعقل وجوب في أمور غير معينة، وقد قيل: لا امتناع في ذلك، كما لو قال السيد لعبيده الذين لا يعلم أنهم أحياء أو أموات: اِفعلوا فعلاً مّا، يعني من حركة أو سكون أو كلام أو غير ذلك إن كنتم أحياء لنعلم حياتكم، فظهر أن التقييد بالتعيين لما كان الأغلب على التخيير أنه لا يكون إلا بين أمور معينة، هذا ما قيل، وفيه تأمل. اهـ لعل وجه التأمل أن المطلوب في مسألة العبيد شيء واحد معين، وهو ما تعلم به الحياة، والله أعلم.

(*) وعبارة فصول البدائع: أجيب عنه بأن التعيين يراد به⁣[⁣٣] الشخصي خلاف الإجماع كما في خصال =


[١] شكل عليه، وعليه ما لفظه: تأمل فيه.

[٢] وهو المنقول عن البرماوي.

[٣] في فصول البدائع: مراداً به.