هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 651 - الجزء 1

  الجواز⁣(⁣١) أم لا؟ فروى الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد بن عثمان | البقاء عن الهادي والناصر والمرتضى وأبي العباس وأبي طالب، وعزاه الإسنوي إلى الجمهور.

  وروى الفقيه يوسف عدم البقاء عن زيد بن علي @ والمؤيد بالله وأبي حنيفة والشافعي، وهو اختيار الغزالي في المستصفى.

  والحاصل أن من جعل الجواز جنساً للواجب يقول ببقائه⁣(⁣٢) فيكون الجواز حكماً شرعياً، ومن لم يجعله جنساً لا يقول ببقائه، بل يرجع الأمر إلى ما كان عليه


= بعد نسخ الوجوب فضلاً [عن] أن يتفرع عليه كما ذكره الشيخ العلامة في شرح الفصول؛ لأن المانعين استدلوا لعدم بقاء الجواز بأن الجواز جنس فيرتفع بارتفاع الفصل، فمقتضى هذا الاستدلال أن الجنسية مانعة عن البقاء بعد ارتفاع الفصل فلا يصح التفرع؛ لأن معنى تفرع الخلاف على الخلاف كما ذكره المؤلف # أن من يجعل الجواز جنساً للواجب يقول ببقائه، ومن لم يجعله جنساً لا يقول ببقائه كما يأتي. ويؤيد ما ذكرناه استدلال المؤلف # أيضاً للمانعين كما يأتي، ويؤيده أيضاً ما في شرح الشيخ العلامة للفصول فإنه مشعر بأن القائلين بالبقاء والمانعين قائلون بجنسية الجواز للواجب؛ لأنه ذكر أن الغزالي - وهو ممن يقول بمنع بقاء الجواز بعد نسخ الوجوب - علل المنع بأن الجنس يرتفع بارتفاع الفصل؛ لأنه علة لوجود الحصة التي فيه من الجنس. والرازي - وهو ممن يقول بالبقاء - لا يسلم أن الفصل علة للجنس، بل يقول: هما معلولان لعلة واحدة. قال: وتقريره مذكور في الكتب الحكمية⁣[⁣١]. فالأولى أن يجعل تلك مسألة مستقلة لا تفرع لها على هذا الخلاف، بل يجعل الخلاف فيها ثابت سواء اختلف في كون المباح جنساً للواجب أو لا، وسواء فسر المباح بما خير في فعله وتركه من غير ترجيح أو فسر بما أذن فيه؛ لما عرفت من ارتفاع الجنس بارتفاع الفصل.

(قوله): «فروى الفقيه نجم الدين البقاء» كما في جواز صوم عاشوراً بعد نسخ وجوبه، لكن إنما يبقى ما كان من الأصل قبل الوجوب؛ ولذلك لا يبقى الجواز في مثل ذبح إسماعيل #[⁣٢] ولا ثبات المسلم الضعيف لعشرة كفار أقوياء بعد نسخ الوجوبين، وإنما بقي جواز صوم يوم عاشوراء لأن الجواز هو الأصل لا لأنه جنس للواجب.


(١) كما بقي جواز صوم عاشوراء بعد نسخ وجوبه. اهـ قيل: هذا وهم، وإنما يبقى ما كان من أصل قبل الوجوب؛ ولذلك لا يبقى جواز لمثل ذبح إسماعيل ولا لثبات المسلم الضعيف لعشرة كفار أقوياء بعد نسخ الوجوبين، ونحو ذلك ما سيأتي في المانع من أن الأبوة قد رفعت وجوب القصاص ولم يبق جوازه، وإنما بقي جواز صوم عاشوراء لأن الجواز هو الأصل لا لأنه جنس للواجب. (نظام الفصول).

(٢) إذ يتوجه النفي إلى القيد - وهو الوجوب - ويبقى الجواز.


[١] في المطبوع: في الكتب الكلامية، والمثبت من شرح الفصول.

[٢] إلا أنه يقال: لا نسخ في ذبح إسماعيل على الصحيح. (لي من هامش نظام الفصول).