هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 652 - الجزء 1

  قبل الوجوب من البراءة الأصلية أو التحريم ويصير الوجوب بالنسخ كأن لم يكن، فيكون الخلاف معنوياً. ومن الناس من يقول بأن الخلاف لفظي، وليس بصحيح كما بيناه.

  احتج القائلون بالبقاء بأن الوجوب مركب من جواز الفعل مع المنع من الترك، ونسخ الوجوب رفع للجزء الثاني، وهو لا يستلزم رفع الأول.

  والجواب: أن الجواز جنس، والمنع من الترك فصل، ولا نسلم أن رفع المركب من جنس وفصل رفع لفصله خاصة، بل رفعه رفع له بكلا جزئيه⁣(⁣١).

  ولو سلم فالمدعى بقاؤه هو الجواز بمعنى التخيير في الفعل والترك، والذي في ضمن الوجوب هو الجواز بمعنى رفع الحرج عن فعله سواء كان مخيراً في تركه أم لا.

  احتج المانعون بأنه لو بقي الجواز من دون منع من الترك فإما أن يبقى مجرداً⁣(⁣٢) أو مع فصل يخلف المرفوع، والأول باطل؛ لأنه جنس، والجنس لا يوجد من دون فصل، والثاني باطل أيضاً؛ لأن الفصل الخالف إما أن يكون


(قوله): «وليس بصحيح» لما عرفت في الحاصل، لكن هذا هو المذكور سابقاً المشار إليه بقوله: وحينئذ يعود الخلاف لفظياً، فكان الأولى أن يبين عدم صحته فيما سبق.

(قوله): «رفع للجزء الثاني» وهو المنع من الترك. وفي شرح الشيخ: والوجوب يرتفع بارتفاع المنع من الترك؛ إذ المركب⁣[⁣١] يرتفع بارتفاع جزئه. وقوله: «وهو» أي: رفع الجزء الثاني «لا يستلزم رفع الأول» وهو جواز الفعل.

(قوله): «ولو سلم فالمدعى بقاؤه هو الجواز بمعنى التخيير في الفعل والترك» لكن هذا مرادف للمباح مركب من جنس وفصل يخرج به الواجب، فلم يكن قبل النسخ جنساً للواجب حتى يدعى بقاؤه بعد النسخ.

(قوله): «من دون فصل» أي: في الخارج⁣[⁣٢]، وأما في التعقل فيوجد، كذا نقل؛ لأن كل فصل علة لوجود الحصة التي فيه من الجنس. وأجيب بأن المخالف لا يسلم أن الفصل علة للجنس، بل يقول: هما معلولان لعلة واحدة، وتقرير ذلك مذكور في الكتب الحكمية، كذا في شرح الشيخ العلامة |.


(١) قال الشيخ لطف الله في شرح الفصول: فإذا ارتفع الفصل ارتفع الجنس. اهـ لكن يقال: رفع الأخص لا يستلزم رفع الأعم.

(٢) يريد في الخارج لا في العقل.


[١] في المطبوع: إذ الترك. والمثبت من شرح الشيخ للفصول.

[٢] يقال: وجود الفصل أيضاً إنما يوجد حصة من الماهية، ولا وجود لها خارجاً، إنما توجد خارجاً بوجود المشخصات فتأمل. (ح عن خط شيخه).