فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  وقول آخر: الرخصة ترك المؤاخذة بالفعل مع قيام المحرم وحرمة الفعل، وترك المؤاخذة بترك الفعل مع وجود الموجب والوجوب. وقول آخر(١): ما رخص فيه مع كونه حراماً.
  وقيل: إنه يسمى رخصة. ولا يساعد عليه المعنى اللغوي كل المساعدة؛ لحصول السهولة في الجميع، والمعتبر الاصطلاح.
  والمشهور في العزيمة أنها ما لزم العباد ابتداء بإلزام الله تعالى من فعل أو ترك، وبه صرح الغزالي والآمدي وغيرهما، ولا يدخل فيها الندب والكراهة والإباحة، وأن الرخصة(٢) تقابلها.
  فالمقابلة إما بمعنى أنها ما لم يلزم العباد ابتداء مطلقاً، فيدخل فيها ما عدا الوجوب والتحريم ابتداء، وإما بمعنى أنها ما لم يلزم العباد ابتداء لعذر مع بقاء موجب اللزوم لولا العذر، والمعنى الأول لم يذكر لأحد، فتعين الثاني، والوارد على خلاف دليل الندب أو الكراهة(٣) خارج عنه(٤).
(قوله): «وقول آخر: الرخصة ترك المؤاخذة ... إلخ» هذه الحدود لا توافق ما ذكروه في معنى لولا العذر كما عرفت.
(قوله): «وقيل: إنه يسمى» أي: ما ورد على خلاف دليل الندب والكراهة.
(قوله): «لحصول السهولة في الجميع» أي: في الندب والكراهة وخلافهما.
(قوله): «والمعتبر الاصطلاح» يعني وإن لم يساعد المعنى اللغوي.
(قوله): «والمشهور إلى قوله: وبه صرح الغزالي» وهو مقتضى ما في المنتهى كما نقله السعد.
(قوله): «ما لم يلزم العباد ابتداء مطلقاً» لعذر أو لغير عذر.
(قوله): «فيدخل فيها ما عدا الوجوب والتحريم ابتداء» والذي عداهما المندوب والمكروه والمباح إذا شرعت ابتداء، فإنه يصدق عليها حد الرخصة؛ إذ هي لم تلزم العباد ابتداء.
(قوله): «والمعنى الأول» أي: ما لزم العباد ابتداء «لم يذكر لأحد» إذ لم يقل أحد: إن الرخصة ما عدا الوجوب والتحريم بحيث يشمل المندوب والمكروه والمباح.
(قوله): «خارج عنه» إلا أن يؤول لزم بثبت كما ذكره السعد، قال: لكنه مخالف للاصطلاح.
(١) قال الأصفهاني في شرح المنهاج ما لفظه: وهو مع ما فيه من تعريف الرخصة بالترخيص المشتق من الرخصة غير خارج عن الإباحة وكان في معنى الأول. اهـ أي: ما أبيح فعله مع كونه حراماً.
(٢) عطف على قوله: أنها ما لزم. (منه).
(٣) في المطبوع: والكراهة.
(٤) إذ لا لزوم فيهما.