هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 658 - الجزء 1

  واعترض بتحريم الصلاة والصوم على الحائض⁣(⁣١) فإنه يصدق عليه تعريف الرخصة وليس منها، فلا يكون مانعاً.

  وقد يجاب: بأن الحيض لا يسمى عذراً؛ فإن العذر الذي شرعت لأجله الرخصة إما دفع تلف أو دفع مشقة أو دفع حاجة⁣(⁣٢)، وترك الحائض للصلاة لا يدفع شيئاً من ذلك، ولأن الرخصة عبارة عن الحكم المبني على أعذار العباد، والحيض مانع شرعي وليس بعذر.

  والرخصة قد تكون واجبة كأكل الميتة للمضطر والقصر، وقد تكون مندوبة ومباحة كالفطر في السفر بحسب تفاوت المشقة⁣(⁣٣).

  (و) الحكم الثابت (عليهما) أي: على دليل الوجوب أو الحرمة؛ إذ


(قوله): «والقصر» كذا في شرح المختصر، وهو مستقيم على القول بأنها شرعت في الأصل أربعاً، وأما على ما هو المختار من أنها شرعت مثنى فقررت في السفر وزيدت في الحضر فلا.

(قوله): «ومباحة كالفطر» هكذا ذكره ابن الحاجب، واعترضه في الحواشي بأن فطر المسافر إن تضرر به فالفطر أحب، وإلا فالصوم أحب.

وقد أجاب بعضهم بأنه مباح عند بعض الفقهاء، ويكفي في التمثيل إباحته عنده، ثم أجاب أيضاً بأن المندوب هو الإفطار الذي علم ضرر الصوم مكانه، وكذا عدم الإفطار الذي علم عدم ضرره، فأما الذي لم يعلم ضرره ولا عدم ضرره فمباح، وقد دفع الشيخ في شرح الفصول هذا الجواب بأن الظاهر أن الإفطار مكروه فيما استوى عنده الإفطار وعدمه، ثم قال: فالأولى التمثيل للمباح من الرخصة برخصة العرايا فإن فعلها وتركها سيان. انتهى.

ولم يذكر المؤلف # كون الرخصة مكروهة، وقد ذكرها في الفصول، قال الشيخ ¦: ويكره إذا كان لا يتضرر.

(قوله): «والحكم الثابت عليهما» الأولى عليه بإفراد الضمير؛ إذ هو عائد إلى الدليل⁣[⁣١]. واعلم أن كلام المؤلف # مشعر بأن الحكم لا ينحصر في العزيمة والرخصة؛ إذ لا يدخل المندوب والمباح والمكروه في العزيمة، بل ولا جميع الواجب ولا المحرم على ما قال التفتازاني: إن الحق أن الفعل لا يتصف بالعزيمة ما لم يقع في مقابلة الرخصة، وأما ابن الحاجب وشارحه فكلامهما يقضي بالانحصار فيهما، واعترضه التفتازاني بما ذكره.


(١) إذا زيد في الحد الوجوب كما تقدم منع من دخولها، ويكون هذا فائدة زيادته؛ لأنها قد نهيت عن فعل ذلك كما هو معروف.

(٢) كما في رخصة العرايا، وقوله: «وترك الحائض للصلاة» يعني والصوم.

(٣) وجمع الصلاتين عند موجب التوقيت.


[١] لعل تثنية الضمير باعتبار الدليلين. (مغربي ح).