هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 663 - الجزء 1

  والثاني: ما استلزم وجوده عدم سبب الحكم، وهو وصف ظاهر⁣(⁣١) منضبط يستلزم وجوده حكمة تخل بحكمة السبب، كالدين في الزكاة عند من جعله مانعاً لوجوبها⁣(⁣٢)، فإن حكمة السبب - وهو الغنى - مواساة الفقراء من فضل المال، ولم يدع الدين في المال فضلاً يواسى به⁣(⁣٣).

  (أو) يحكم على الشيء (باستلزام عدمه عدم حكم أو) عدم (سبب فالشرط) أي: فهو المسمى شرطاً، وهو أيضاً قسمان: أحدهما: ما استلزم عدمه عدم الحكم، وهو وصف ظاهر منضبط يستلزم عدمه عدم الحكم، كما أن المانع يستلزم وجوده عدم الحكم، فبالحقيقة عدمه مانع⁣(⁣٤)،


(قوله): «كالدين في الزكاة» فالحكم وجوب الزكاة، وسببه الغنى، والحكمة فيه وفي سببه مواساة الفقراء، والدين يستلزم عدم بقاء فضل يواسى به، وهذه حكمة تخل بالمواساة⁣[⁣١]، فيكون الدين مانعاً؛ لاستلزامه حكمة تخل بحكمة السبب.

(قوله): «عند من جعله مانعاً» وهم زيد بن علي وأبو عبدالله الداعي وأبو حنيفة.

(قوله): «وهو وصف ظاهر منضبط ... إلخ» قد تقدم في حاشية على الحاشية في بحث ما لا يتم الواجب إلا به أن تعريف الشرط بهذا غير مانع؛ لدخول السبب والعلة التامة⁣[⁣٢]، وهاهنا كلام في حاشية على الحاشية مفيد فاعرفه إن شاء الله تعالى.

(قوله): «فبالحقيقة عدمه» أي: عدم الشرط.


(١) أي: لا يخفى، كشفقة الأب «منضبط» لا المتفاوت المضطرب، كإحسان الأب بالتربية فإنها ليست بمنضبطة.

(٢) فحكمة الدين وهي براءة الذمة وستر العرض مخلة بحكمة النصاب، وهي سد خلة الفقير، فكان رعاية تلك الحكمة أولى من رعاية هذه الحكمة؛ لأن فيها البداية بالنفس، وقد قال ÷: «ابدأ بنفسك ..)) الخبر. (فصول وشرحه للسيد صلاح).

(٣) ويكون راجحاً على سبب الحكم، ولعل من هذا على مذهبنا تحريم النكاح على العاجز عن الوطء من تعصي لتركه وعن القيام بالحقوق ونحو ذلك، فسبب النكاح هو التحصن والتسنن ونحو ذلك، وكون ذلك النكاح سبباً في فعل قبيح أو إخلال بواجب مانع راجح على الأول فيصيره مفسدة، والله أعلم.

(٤) وذلك لأنه قد سبق⁣[⁣٣] أن المانع إنما يكون مانعاً لما فيه من حكمة تخل بحكمة الحكم أو السبب، فكذا كون عدم الوصف مانعاً يكون لما فيه من حكمة تنافي حكمة الحكم أو السبب. (سعد).


[١] كونها في الدين براءة الذمة كما في الفصول أولى؛ فإنه إذا كان المال يفضل عن قضاء الدين لم يخل بالمواساة، والله أعلم. (حسن بن يحيى من خط العلامة أحمد بن محمد).

[٢] يتأمل ما مر إن شاء الله، فلم يظهر دخولهما في الشرط فتأمل فيه. (ح عن خط شيخه).

[٣] لفظ حاشية السعد: وقد سبق ... إلخ.