[ذكر سبب التأليف]
  للتقوية، والضمير في «منها» للأدلة، والمراد جمع المعتبر من الدلائل، لا كل دليل؛ فإنها مما لا تفي بها المطولات. وللأمرين المذكورين سمي غاية.
  (جمعته مع قلة البضاعة) البضاعة: قطعة من المال يتجر فيها، استعيرت لما وقع به الجمع من العلم اليسير.
  (وقصور الباع في هذه الصناعة) القصور عن الشيء: العجز عنه وعدم بلوغه، والباع قدر مد اليدين، استعير للاقتدار والملكة والاطلاع. والصناعة: العلم المتعلق بكيفية عمل. وفيه إشارة إلى أن علم الأصول علم عملي آلي.
  (راجياً به الجزاء الجزيل عند الملك الجليل) الجزاء: المكافأة. والمراد جزاء الطاعات بمعونة المقام. والجزيل: الكثير. وليس معنى عند أن الجزاء بحضرته وبالقرب منه على ما هو حقيقته، بل مُثِّل كونه بقدرته وفضله بحيث لا يقدر عليه غيره بحال الشيء يكون بحضرة واحد لا يد عليه لغيره.
  (وهو حسبي ونعم الوكيل) أي: محسبي وكافي،
(قوله): «القصور عن الشيء العجز عنه» في الصحاح: قصرت عن الشيء قصوراً عجزت عنه، وقصر الشيء بالضم يقصر قصراً خلاف طال. اهـ فعبارة المؤلف تقضي بملاحظة المعنى الأول لا الثاني.
(قوله): «استعير للاقتدار ... إلخ» الضمير يعود إلى الباع، أي: استعير الباع للملكة والاقتدار، فيكون المعنى قصور الملكة والاقتدار تشبيهاً لهما بالباع في التوصل إلى المراد. ولو جعل قصور الباع تمثيلاً لكان أظهر.
(قوله): «والصناعة العلم المتعلق بكيفية عمل» قال السيد في حواشي الكشاف: العلم إن لم يتعلق بكيفية العمل كان مقصوداً في نفسه، ويسمى علماً، وإن كان متعلقاً بها كان المقصود منه ذلك العمل، ويسمى صناعة في عرف الخاصة، وينقسم إلى قسمين: ما يمكن حصوله بمجرد النظر والاستدلال كالطب مثلاً، وما لا يمكن حصوله إلا بمزاولة العمل كالخياطة، وهذا القسم يخص باسم الصناعة في عرف العامة، والوجه في التسمية على العرفين أن حقيقة الصناعة صفة نفسانية راسخة يقتدر بها على استعمال موضوعات ما نحو غرض من الأغراض على وجه البصيرة بحسب الإمكان.
(قوله): «علم عملي آلي» نسبة إلى الآلة، بمعنى أنه آلة لغيره ووسيلة إليه؛ إذ المقصود من هذا العلم هو استنباط الأحكام، وظاهر هذا التقييد أنه قد يكون علم عملي غير آلي، ولعل ذلك علم الفقه، ويحتمل أن يكون هذا للبيان والكشف لا للاحتراز.
(قوله): «أي محسبي» الحسيب بمعنى المحسب[١] بدليل أنك تقول: هذا رجل حسبك من رجل فتصف النكرة به؛ لأن إضافته لكونه بمعنى المحسب غير حقيقية، كذا في الكشاف، يقال: أحسبه إذا كفاه[٢].
[١] في المطبوع: بمعنى المحتسب، في الموضعين. والمثبت من الكشاف.
[٢] في الكشاف: أحسبه الشيء إذا كفاه.