هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 72 - الجزء 1

  لا أرجو غيره، والإنشائية عطف على حسبي، عطف جملة على مفرد، وهو جائز؛ لأن التي لها محل من الإعراب في موضع⁣(⁣١) المفرد، ومنه: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٤٥ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ}⁣[آل عمران]، فلا يكون من عطف الإنشاء على الإخبار.

  أما إن أولت بمقول في حقه نعم الوكيل فمن عطف مفرد على مفرد، ويحتمل العطف على جملة «هو حسبي» بتقدير مبتدأ بقرينة ذكره سابقاً، أي: وهو نعم الوكيل، فيكون جملة اسمية خبرية خبرها أو متعلق خبرها فعلية إنشائية، ولا شبهة في صحة عطفها على الجملة الاسمية الخبرية.

  قيل: الاسمية التي خبرها إنشائية تكون انشائية على القول بعدم التأويل، كما


(قوله): «لا أرجو غيره» جعل المؤلف الحصر موجهاً إلى الرجاء، ومقتضى المطابقة أن يكون الحصر موجهاً إلى معنى محسبي وكافي، وكان الأولى أن يقال: لا كافي لي إلا هو، وكأن المؤلف # بنى⁣[⁣١] على أن من لا كافي إلا هو يحق له أن لا يرجى إلا هو، واستفيد الحصر من تقديم الضمير على محسبي كما ذكره صاحب الكشاف في قوله تعالى: {كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}⁣[المؤمنون: ١٠٠]، وأما السكاكي فإنما يكون تقديم المسند إليه على المشتق مفيداً للتخصيص عنده إذا كان بعد النفي فقط كما ذكره في المطول واعتمده الشيخ⁣[⁣٢] | في الإيجاز.

(قوله): «عطف جملة على مفرد» وذلك لأن حسبي مفرد؛ لأنه بمعنى محسبي وكافي.

(قوله): «وهو جائز» أي: عطف جملة على مفرد سواء كانت الجملة إنشائية أو إخبارية، وإنما جاز لأن التي لها محل من الأعراب - أعني نعم الوكيل - في موقع المفرد؛ لأنها معطوفة على خبر المبتدأ، أعني حسبي.

(قوله): «ومنه» أي: من عطف الجملة على المفرد فيما له محل من الإعراب لكونها في موقع المفرد قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ}⁣[آل عمران: ٤٦]، فإنه عطف على وجيهاً، فمحله النصب على الحالية، فهو واقع موقع المفرد.

(قوله): «فلا يكون من عطف الإنشاء على الإخبار» أما المعطوف عليه فلأنه مفرد لا جملة، وأما المعطوفة فلأنها في موضع المفرد.

(قوله): «أما إن أولت ... إلخ»: أشار بهذه العبارة إلى أن هذا أظهر من التأويل السابق؛ لأن المعطوف مع هذا التأويل صريح المفرد فلا توقف له على كون ما له محل من الإعراب في حكم المفرد وهو مقول، وقد ذكر الشيخ | في توجيه هذا العطف وجوهاً ذكر منها هذا الوجه، وكذا نعم الوكيل بتأويل مقول في حقه نعم الوكيل فهو أيضاً مفرد.

(قوله): «خبرها» بناء على عدم تقدير مقول.

(قوله): «أو متعلق خبرها» بناء على تقدير مقول، فإن قوله: نعم الوكيل متعلق للخبر وهو مقول؛ إذ هو مفعوله.


(١) في (أ، ج): موقع.


[١] قوله: «وكأن المؤلف # بنى ... إلخ» جاء المؤلف بنفي رجاء غيره ليكون برهاناً على حصر الكفاية عليه؛ لأنه إنما انقطع الرجاء من غيره لحصول الكفاية منه. (ح ن).

[٢] قوله: «واعتمده الشيخ» بل هو مذهبه |. (ح).