فصل: [المحكوم فيه]
  واعلم أنه لا أثر لهذا الخلاف في الأحكام الدنيوية(١)؛ للاتفاق على امتناع الصلاة مع الكفر وسقوط القضاء بالإسلام، وإنما أثره في الأحكام الأخروية، فالقائلون بخطابه يجزمون بعقابه على ترك الصلاة ونحوها عقاباً زائداً على ترك الإيمان، والقائلون بعدمه يجزمون بعدم العقاب إلا على ترك الإيمان.
  احتج المثبتون بما أشار إليه بقوله: (لتناول الأوامر العامة(٢)) كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة: ٢١]، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧].
  وجه الاستدلال: أن الآيات العامة تناولهم، والكفر لا يصلح مانعاً من دخولهم؛ لأنهم متمكنون من إزالته بالإيمان، كالحدث فإنه ليس بمانع من
(قوله): «كالحدث ... إلخ» اعتمد المؤلف # ما ذكره في الحواشي من أن نزاع الحنفية ليس إلا في تكليف الكفار بالفروع دون مثل وجوب الصلاة على المحدث، وصرح بذلك الشيخ في شرح الفصول حيث قال: الظاهر أنه ليس خلاف الحنفية في كل شرط شرعي، بل في الإيمان فقط. فلذا قال المؤلف: اتفاقاً، واعترض ذلك بعض أهل الحواشي بأن الذي يلوح من دليل الحنفية التعميم لكل شرط.
(١) أي: الشرعية.
(*) مثله في منهاج البيضاوي، قال الإسنوي في شرحه: دعواه أن لا فائدة له في الدنيا باطلة[١]، بل له فوائد، منها: تنفيذ طلاقه وعتقه وظهاره وإلزامه الكفارات وغير ذلك. ومنها: إذا قتل الحربي مسلماً ففي وجوب الدية أو القود خلاف مبني على هذه القاعدة كما صرح به الرافعي. ومنها: أنه هل يجوز لنا تمكين الكافر الجنب من دخول المسجد؟ فيه خلاف مبني على هذه القاعدة أيضاً، وإن كان المشهور في الفرعين خلاف قضية البناء. ومنها: إذا دخل كافر الحرم وقتل صيداً فإن المعروف لزوم الضمان، قال في المهذب: ويحتمل أن لا يلزمه، وهذا التردد منشؤه هذه[٢] القاعدة. ومنها: فروع كثيرة نقل المعالمي عن محمد بن الحسن عدم الوجوب فيها معللاً بذلك، ومذهبنا فيها الوجوب، كوجوب دم الإساءة[٣] على الكافر إذا جاوز الميقات ثم أسلم وأحرم، ووجوب زكاة الفطر على الكافر في عبده المسلم، ووجوب الاغتسال عن الحيض إذا كانت الكافرة تحت مسلم.
(٢) في المطبوع: العامة له.
[١] في المطبوع: باطل.
[٢] في المطبوع: مبناه على القاعدة. والمثبت من شرح الإسنوي على منهاج البيضاوي.
[٣] في المطبوع: فروع كثيرة نقل القاضي عن محمد بن الحسن # الوجوب فيها تعليلاً بذلك، ومذهبنا فيها الوجوب كعدم دم الإساءة. والمثبت من شرح الإسنوي.