هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [المحكوم فيه]

صفحة 692 - الجزء 1

  التكليف بالصلاة بالاتفاق⁣(⁣١)؛ لأن المحدث متمكن من إزالته.

  احتجوا ثانياً بقوله: (ولآيات الوعيد) للكفار على ترك الفروع، وهي كثيرة (كـ {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}⁣[فصلت]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩⁣(⁣٢)}⁣[الفرقان]، قال بعض المفسرين: تضعيف العذاب لانضمام الكبيرة إلى الكفر.

  وقوله تعالى: ({مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}⁣[المدثر]، وفيها دلالة على أنهم يعاقبون على ترك الصلاة والزكاة.


(قوله): «ومن يفعل ذلك يلق أثاماً» فإنه إشارة لما سبق من الشرك وقتل النفس والزنا؛ لأن جعله إشارة إلى البعض كالشرك مثلاً عدول عن الظاهر، وفيه دليل على حرمة الكل؛ لأنه لا معنى لضم غير الحرام إلى الحرام في استحقاق العقاب، وبالجملة لا بد أن يكون لكل من المذكورات مدخل في استحقاق العذاب، ولا نعني بالحرام سوى هذا.

(قوله): «وفيها دلالة على أنهم يعاقبون على ترك الصلاة» لأن في تقرير الحكاية وترك الإنكار تصديقاً لهم، ولم يتعرض المؤلف # لذلك ليظهر في كلامه توجه السؤال الآتي؛ إذ لو ذكره هنا لم يتوجه بعده السؤال.


(١) قد يقال: فرق بين الحدث والكفر، فإن الحدث يمكن الفعل بعد رفعه، والكفر لا يمكن الفعل لا مع بقائه ولا بعد رفعه، وإمكان الفعل شرط في التكليف فينظر. اهـ وأقول: هذا فرق من وراء الجمع؛ لأنه يعني الفرق بين المزيلين، أعني الغسل والإسلام، وهو لا يضر؛ لأن القياس من المؤلف فيما بين الوصفين المانعين وهما الكفر والحدث، ولم يبد بينهما فرقاً. (سيدي أحمد بن زيد ¦).

(٢) وجه الاستدلال أن قوله: «ومن يفعل» عام للعقلاء سواء كانوا كفاراً أو غير كفار، وأن قوله: «ذلك» إشارة إلى جميع ما تقدم من الشرك وقتل النفس والزنا؛ لأن جعله إشارة إلى البعض كالشرك مثلاً خلاف الظاهر، وإذا جعل إشارة إلى جميع ما تقدم كان الكل حراماً؛ إذ لا معنى لضم غير الحرام إلى الحرام في استحقاق العذاب، وإذا كان كل واحد من المذكورات حراماً كان لكل منها مدخل في استحقاق العذاب، فيكون تضاعف العذاب والخلود فيه في مقابلة الجميع، فلو لم يكن الكفار مكلفين بالفروع لما استحقوا العذاب بفعل هذه المحرمات. ولقائل أن يقول: هذه الآية لا تكون حجة على القائلين بالتفصيل [بالفصل (نخ)] بين الأوامر والنواهي. (جواهر).