هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [المحكوم فيه]

صفحة 695 - الجزء 1

  احتج النافون: بأن الكفر مانع عن الإتيان بالفروع، فلا يمكن الامتثال، والتكليف فرع الإمكان، وذلك لأن الامتثال إما في حال الكفر ولا يمكن، وإما بعده ولا يمكن أيضاً؛ لسقوط الأمر عنه⁣(⁣١)، والامتثال فرعه.

  (و) الجواب: لا نسلم أن (الكفر) مانع عن الإتيان بالفروع، وإنما⁣(⁣٢) يكون مانعاً لو كان رفعه مستحيلاً، لكنه (غير مانع؛ لإمكان رفعه⁣(⁣٣)) بأن يسلم ويفعل، وعدم إمكان الامتثال حال الكفر يلزم مثله في المحدث، والجواب الجواب.

  والحق أن ذلك ضرورة بشرط وصف الموضوع⁣(⁣٤)، والضرورة الوصفية لا تنافي الإمكان الذاتي⁣(⁣٥).


(قوله): «لسقوط الأمر عنه» لعدم وجوب القضاء اتفاقاً.

(قوله): «فرعه» أي: فرع الأمر.

(قوله): «والحق» لما كان الجواب الأول إلزامياً أجاب المؤلف # بما تنحل به الشبهة فقال: «والحق أن ذلك» أي: عدم إمكان الامتثال «ضرورة بشرط وصف الموضوع» لأنه يرجع إلى قولنا: الكافر لا يمتثل بالضرورة بشرط كونه كافراً كما ذكره بعض أهل الحواشي.

(قوله): «لا تنافي الإمكان الذاتي» فالامتثال حال الكفر ممكن، بمعنى أن عدمه ليس بضروري؛ لأن الكفر الذي لأجله امتنع الامتثال ليس بضروري، فعدم الامتثال التابع له ليس بضروري بالأولى.


(١) بالإسلام؛ لأن الإسلام يجب ما قبله.

(٢) في (أ، ج): إنما. بدون واو.

(٣) كالأمر بالكتابة والقلم حاضر يمكنه تناوله. (برماوي).

(٤) بأن يقال: الكفر مانع من الإتيان بالفروع ما دام كافراً لا دائماً. وقوله: الضرورة الوصفية يعني المقيدة بقوله: ما دام كافراً. (من خط سيلان).

(٥) قال سعد الدين: وتحقيقه أن الكفر الذي لأجله امتناع الامتثال ليس بضروري، فكيف امتناع الامتثال التابع له؟ وحاصله: أن الضرورة الوصفية لا تنافي الإمكان الذاتي. وفي تسميتها الضرورة بشرط المحمول⁣[⁣١] نوع تسامح، وكأنه شبه ثبوت الوصف العنواني للذات بثبوت المحمول للموضوع. اهـ قلت: وكأن المؤلف # عدل هنا إلى قوله: ضرورة بشرط وصف الموضوع لأجل هذا التسامح، والله أعلم.


[١] في المطبوع: بشرط وصفية المحمول. والمثبت من شرح المختصر وحاشية السعد.