هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في بيان المكلف به في النهي]

صفحة 696 - الجزء 1

  احتج المفصلون: بأن النهي يقتضي ترك المنهي عنه، وتركه مع الكفر ممكن، والأمر يقتضي الامتثال، والامتثال مع الكفر غير ممكن؛ لأن النية في الامتثال لا بد منها، ونية الكافر غير معتبرة.

  (و) الجواب: أنه (يستوي الفعل والترك) في إمكانهما من الكافر كما بيناه، فلا يُحتاج إلى إعادته.

[مسألة في بيان المكلف به في النهي]

  مسألة: في بيان المكلف به⁣(⁣١) والخلاف فيه (قيل: المكلف به في النهي فعل هو الكف) للنفس عن الفعل⁣(⁣٢)، وهذا قول جمهور الأشعرية وأبي علي


(قوله): «ويستوي الفعل والترك» هذا إشارة⁣[⁣١] إلى مذهب المفصلين وشبهتهم والجواب عنها، فالظاهر أنه معطوف على قوله: والكفر غير مانع.

(قوله): «كما بيناه» إشارة إلى ما سبق⁣[⁣٢] من الاستدلال على التكليف بالأوامر العامة وآيات الوعيد، ومن أنه يمكنه رفعه بأن يسلم ... إلخ.

(قوله): «هو الكف» وقيل: فعل الضد، كذا في الجمع، فلو قال المؤلف #: هو فعل الضد لشمل الكف وفعل الضد؛ فإن المؤلف # قد أطلق الضد على الكف كما تقدم، وفيه ما عرفت، وسيأتي الاكتفاء بفعل الضد في قول المؤلف: فيتوجه الخطاب إلى فعل الضد.


(١) أي: في النهي، وكأنه ترك التقييد لظهوره من السياق.

(٢) وفي صحيح مسلم في بيان اسم الصدقة يقع على كل نوع: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده عن النبي ÷ قال: «على كل مسلم صدقة)) قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: «يعتمل بيده فينفع نفسه ويتصدق)) قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف)) قيل له: أرايت إن لم يستطع؟ قال: «يأمر بالمعروف أو الخير)) قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: «يمسك عن الشر فإنها صدقة)). (من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(*) قال السبكي في طبقاته: أقول: لقد وقفت على ثلاثة أدلة تدل على أن الكف فعل لم أر أحداً عثر عليها: أحدها: قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ٣٠}⁣[الفرقان]، فتأمله =


[١] بل الظاهر أنه استئناف؛ إذ قوله: الكفر ... إلخ سيق لبيان القول الثاني، وقوله: ويستوي ... إلخ بيان للقول الثالث، فتأمل، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).

[٢] هو إشارة إلى قوله: يمكنه رفعه بأن يسلم ... إلخ فتأمل. (ح عن خط شيخه).