[مسألة في وجوب تقدم التكليف بالفعل على حدوثه]
  (ولا نسلم أنه) أي: النفي (ليس أثراً) للقدرة (فإن استمراره يصلح لذلك) أي: لكونه أثراً لها؛ إذ يمكنه أن لا يفعل فيستمر النفي(١) وأن يفعل فلا يستمر، وما ذكره أبو علي وأبو القاسم مبني على أصل باطل، وهو عدم جواز خلو العبد عن الأخذ والترك، والأخذ عبارة عن الفعل الذي يباشره الفاعل في الحال، والترك عبارة عن ضد ذلك الفعل لا نقيضه.
[مسألة في وجوب تقدم التكليف بالفعل على حدوثه]
  مسألة(٢): في بيان وجوب تقدم التكليف بالفعل على حدوثه والخلاف في ذلك:
  (و) المختار أن (التكليف بالفعل قبل حدوثه) بوقت يتمكن المكلف فيه
(قوله): «إذ يمكنه أن لا يفعل فيستمر ... إلخ» قال بعض أهل الحواشي: فيصير الحاصل أن كون العدم أثراً للقدرة إنما هو بالعرض، بمعنى أن القدرة لا ترفعه، لا بمعنى أن القدرة تفعله وتوقعه كما في الوجود، فالمراد بكون العدم[١] مكلفاً به هو هذا المعنى، وهو أن العبد مكلف بأنه لم يرفع استمراره.
(قوله): «والترك عبارة عن ضد ذلك الفعل» وهو الكف أو فعل الضد، وقوله: «لا نقيضه» وهو عدم الفعل.
(قوله): «بوقت يتمكن المكلف فيه ... إلخ» في القسطاس والفصول: أقل ما يجب التقدم بأربعة أوقات: وقت يسمع فيه الخطاب، ووقت ينظر في حكمه[٢]، ووقت يحصل فيه العلم أو الظن، والوقت الرابع يأخذ في الفعل. وعبارة المؤلف شاملة؛ لأنه وصف الوقت بقوله: يتمكن المكلف ... إلخ، والتمكن إنما يحصل بهذه الأربعة، لكن أما وصف الوقت الرابع بالتقدم ففيه خفاء.
(١) فالحق أن نذهب إلى أن عدم الفعل مقدور لا بمعنى أن في قدرتنا أن نفعله ونحدثه حتى يقال: إنه عدم وأزلي لا يصلح لذلك، بل بمعنى أن في قدرتنا إبقاءه على حاله بأن لا نفعل، وأن نقطع استمراره بالإتيان بالفعل، وعلى ما قررناه يظهر الجواب عن قول الكعبي في نفي المباح؛ إذ لا يتوقف ترك الحرام على فعل وجودي مضاد له حتى يكون ذلك واجباً؛ لأنه مقدمة الواجب فتأمل. والحاصل: أنا نعلم بالرجوع إلى الوجدان في مثل تلك الصورة أنه لا يصدر من المكلف فعل وجودي، بل إنما يحصل استمرار العدم؛ فإن أريد بالمكلف به ما يقابل العدم[٣] فلا وجه للعدول، وإن أريد فعل وجودي غير ذلك فقد عرفت عدمه. (ميرزاجان).
(٢) قال القرافي: هي أعظم مسألة في أصول الفقه مع قلة جدواها؛ فإنه لا يظهر لها فائدة في الفروع. (من شرح أبي زرعة).
[١] في المطبوع: فالمراد بكون الفعل مكلفاً به. والمثبت من حاشية ميرزاجان.
[٢] لعل الوقت الثاني والثالث فيهما تداخل، تأمل. (ح عن خط شيخه).
[٣] في حاشية ميرزاجان: فإن أريد بالكف ما يتناول العدم.