هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في وجوب تقدم التكليف بالفعل على حدوثه]

صفحة 700 - الجزء 1

  من معرفة ما تضمنه⁣(⁣١) ليمكنه الامتثال، وهذا قول عامة العدلية والجويني والغزالي والآمدي وابن الحاجب، وادعى الآمدي الاتفاق على جوازه حيث قال: اتفق الناس على جواز التكليف بالفعل قبل حدوثه سوى شذوذ من أصحابنا، وعلى امتناعه بعد صدور الفعل، واختلفوا في جواز تعلقه به في أول زمان حدوثه، فأثبته أصحابنا ونفاه المعتزلة.

  وقال الجويني: الذهاب إلى أن التكليف عند الفعل مذهب لا يرتضيه لنفسه عاقل⁣(⁣٢).

  وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري وبعض متابعيه كالرازي: إن العبد إنما يصير مكلفاً بالفعل عند مباشرته له⁣(⁣٣).


(قوله): «ما تضمنه» الضمير عائد إلى الأمر⁣[⁣١] الدال عليه التكليف.

(قوله): «وقال الشيخ أبو الحسن إلى قوله: إنما يصير مكلفاً ... إلخ» هذا هو المنقول عنه في الكتب المشهورة كما ذكره السيد، وأما ابن الحاجب وشارحه فقد نسبا إلى الأشعري أنه يقول بثبوت التكليف قبل الفعل وأنه باق حال حدوثه لا ينقطع، وعبارة ابن الحاجب: قال الأشعري: لا ينقطع التكليف بفعل حال حدوثه.


(١) لأن المكلف مهما لم يعرف ذلك لم يمكنه الامتثال. (شرح فصول).

(٢) إذ هو خارق للإجماع؛ لأن⁣[⁣٢] القاعد في حال قعوده مكلف بالقيام إلى الصلاة [باتفاق أهل الإسلام]. (من شرح التحرير).

(٣) قال الأصفهاني في شرح المنهاج ما لفظه: قالت المعتزلة: الفعل عند المباشرة واجب الصدور، وكل ما هو واجب الصدور ليس بمقدور، وكل ما ليس بمقدور لا يتوجه التكليف إليه بالاتفاق، فالتكليف إنما يتوجه قبل المباشرة. أجاب المصنف - أي: البيضاوي - في متن المنهاج: بأنا لا نسلم أن كل ما هو واجب الصدور ليس بمقدور، فإن وجوب الصدور إما أن يكون حال القدرة والداعية أو قبل القدرة والداعية؛ فإن كان قبل القدرة والداعية فهو ليس بمقدور، وإن كان وجوب الصدور حال القدرة والداعية فهو مقدور، والكلام فيما هو واجب الصدور حال القدرة والداعية، فحينئذ لا يخرج عن كونه مقدوراً، فيتوجه التكليف إليه. واعلم أن هذه المسألة قد اختلف تحريرها وتقرير مذاهب الأشاعرة والمعتزلة فيها في الأحكام والمختصر والمحصول والتحصيل والمنهاج، ومنشأ هذا الاختلاف اضطراب كلام الشيخ أبي الحسن الأشعري.


[١] لعله يعود إلى التكليف فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٢] في المطبوع: ولأن. والمثبت من شرح التحرير، وكذلك ما بين المعقوفين آخر الحاشية.