[الفهم شرط التكليف]
فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه
  وهو الفصل الرابع من ثالث الأبحاث المحتاج إلى بيانها في هذا العلم.
  (المحكوم عليه(١)) هو (المكلف) وفيه ثلاث مسائل.
[الفهم شرط التكليف]
  مسألة: (الفهم شرط التكليف) يعني يشترط أن يكون المكلف فاهماً لخطاب التكليف(٢) أصله وتفصيله(٣)؛ فلا يجوز تكليف الصبي والمجنون إلا عند بعض من جوز تكليف المحال.
  وأما البعض الآخر فوافقوا لا تحاشياً عن لزوم تكليف ما لا يطاق بل تفادياً من لزوم انتفاء فائدة التكليف، وهي الابتلاء؛ لأنه إنما يتصور التهيؤ للامتثال وتوطين النفس عليه من فاهم الخطاب أصله وتفصيله دون من عداه، وإنما امتنع تكليف الصبي والمجنون لأن المقصود من التكليف كما يتوقف على فهم أصل الخطاب كذلك يتوقف على فهم تفاصيله أيضاً(٤)، وهو متعذر في حق الصبي غير المميز والمجنون.
(قوله): «من ثالث الأبحاث» هو الأحكام، وفيه أربعة فصول.
(قوله): «أصله وتفصيله» الظاهر أن المراد بفهم الأصل أن يعرف المكلف مثلاً أن «أقيموا الصلاة» خطاب تكليف، وبفهم التفصيل أن يعرف معنى[١] الإقامة والصلاة ومعنى الأمر بذلك؛ ليفهم أنه خطاب تكليف بإقامة الصلاة من المخاطب، ولعل فهم التفصيل يغني عن فهم الأصل فينظر، ولم يتعرض لذلك في شرح المختصر وشرح الفصول، والذي في حواشي السعد ومثله في شرح الشيخ للفصول: بأن يفهم من الخطاب قدر ما يتوقف عليه الامتثال، لا بأن يصدق بأنه مكلف، وإلا لزم الدورُ وعدمُ تكليف الكفار.
(١) يعني حكماً تكليفياً، وأما الوضعي فقد يكون على غير مكلف، كالحكم على الزنا بسببيته للجلد، ويقال: غالباً؛ فإنه قد يحكم على غير مكلف، كالحكم على الصبي بوجوب الزكاة في ماله، وكذلك على مذهب المعتزلة في الحكم على الله بوجوب الواجبات الستة.
(٢) في فصول البدائع: اشترط في صحة التكليف فهم المكلف له؛ بمعنى تصوره، لا تصديقه، وإلا لزم الدور وعدم تكليف الكفار، فلا حاجة إلى استثناء التكليف بالمعرفة أو النظر أو قصده وأمثالها، كيف والدليل العقلي غير فارق؟
(٣) في حاشية: أصله كالمعارف الإلهية، وتفصيله كالشرعية.
(٤) من كونه مطلقاً أو مقيداً أو نحو ذلك.
[١] بل الظاهر أن المراد بتفصيله ما تترتب عليه الصحة، فلا إغناء كما ذكره القاضي فتأمل. (ح عن خط شيخه). وهو معنى ما ذكره القاضي عن السعد والشريف [والشيخ (ظ)]. (سياغي).