هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في تعلق الخطاب بالمعدوم]

صفحة 711 - الجزء 1

  (وإما) نهي (للثَّمِل⁣(⁣١)) الثابت العقل عن الصلاة، وسمي الثَّمَل سكراً لأنه يؤدي إلى السكر غالباً، وذلك (لمنعه) أي: الثمل (التثبت) كالغضب، وقد يقال للغضبان: اسكت حتى تعلم ما تقول، أي: تعلم علماً كاملاً، وليس الغرض نفي العلم عنه بالكلية.

[مسألة في تعلق الخطاب بالمعدوم]

مسألة: في تعلق الخطاب بالمعدوم.

  لا شك أن تكليف المعدوم وإرادة تنجيز⁣(⁣٢) الفعل منه في حال عدمه مستحيل ضرورة واتفاقاً، وإنما الخلاف في تعلق خطاب الله تعالى به في حال عدمه، فعند أئمتنا والمعتزلة أن (الخطاب لا) يجوز أن (يتعلق بالمعدوم) حال عدمه (لأنه) أي: الخطاب (توجيه الكلام نحو الغير للإفهام) ولا فهم للمعدوم (خلافاً للأشعرية⁣(⁣٣)) فإنهم أوجبوا تعلقه بالمعدوم (بناء على قاعدة قدمه) أي: قدم الخطاب.


(قوله): «توجيه الكلام ... إلخ» والأشعرية اختلفوا في تسمية الكلام خطاباً في الأزل⁣[⁣١]، وهو مبني على تفسير الخطاب، فإن فسر بأنه الكلام الذي علم أنه يفهم كان خطاباً، وإن فسر بأنه الكلام الذي أفهم بالفعل لم يكن خطاباً، ذكره في شرح المختصر.


(١) فعلى التأويل الأول لا تجوز الصلاة لمن كان سكران، وتجوز لمن كان ثملاً، وعلى الثاني لا يجوز للثمل الصلاة، وأما السكران فلا يتعلق الخطاب به بحال. قلت: وأنت تعلم أن ما نقل في شأن نزول الآية لا يلائم التأويل الثاني، فتدبر. (ميرزاجان [والتصحيح منه]).

(٢) قال في شرح العضد: اختص أصحابنا من بين سائر الناس بأن الأمر يتعلق بالمعدوم، حتى صرحوا بأن المعدوم مكلف، وقد شدد سائر الطوائف النكير عليهم، قالوا: إذا امتنع في النائم والغافل ففي المعدوم أجدر، وإنما يرد ذلك لو أريد به تنجيز التكليف في حال العدم، بأن يطلب منه الفعل في حال العدم، بأن يكون الفهم والفعل في حال العدم، ولم يرد به ذلك، بل أريد به التعلق العقلي، وهو أن المعدوم ... إلخ ما ذكره الشارح.

(٣) والإمام القاسم بن محمد. (من خط العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري).


[١] في شرح المختصر: تسمية الكلام في الأزل خطاباً.