فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه
  له ابتداء وانتهاء، وأن الحرف الثاني من الكلمة مسبوق بالأول مشروط بانقضائه فيكون له(١) أول فلا يكون قديماً، والحرف(٢) الأول أيضاً لما كان له انقضاء لا يكون قديماً؛ لامتناع طرآن العدم(٣) على القديم، فالمجموع المركب منهما(٤) لا يكون قديماً، والحادث يمتنع قيامه بذات الباري تعالى، فتعين أن يكون هو المعنى(٥)؛ إذ لا ثالث يطلق عليه اسم الكلام، وهو الذي يسمى بالكلام النفسي، فإن من يورد صيغة أمر(٦) أو نهي أو نداء أو إخبار أو استخبار أو غير ذلك يجد في نفسه معاني يعبر عنها بالألفاظ التي نسميها بالكلام الحسي، فالمعنى
(قوله): «فيكون له» أي: للحرف المشروط.
(قوله): «فالمجموع المركب» أي: فكذا المجموع المركب.
(قوله): «فإن من يورد صيغة أمر ... إلخ» هذا العبارة تشعر بأن هذا وما بعده مترتب على الكلام السابق فيكون استدلالاً واحداً، ولو جعل استدلالاً مستقلاً[١] بما يجد الإنسان من نفسه ويقاس فيه الغائب على الشاهد لوافق ما سيأتي في الحاشية نقلاً عن شرح العقائد.
(قوله): «يجد في نفسه معاني» يحتمل أن المعاني توجد في نفس من يورد الأمر وحده، وكذا النهي، وكذا كل واحد مما بعده، ويحتمل أن المعاني في مجموعها[٢] لا في كل واحد منها.
(١) أي: للحرف المشروط. (شرح تجريد). لأن امتناع التكلم بالحرف الثاني بدون انقضاء الحرف الأول بديهي. (سعد).
(٢) في المطبوع: وأن الحرف.
(٣) في المصباح: طرأ الشيء يطرؤ طرآناً مهموز: حصل بغتة، فهو طارئ.
(٤) أي: من الحرف الأول والآخر. وفي حاشية: أي: من الحرفين مثلاً.
(٥) في المطبوع: هو المعنى الأول. وهو غلط.
(٦) وتحقيقه: أن للشيء وجوداً في الأعيان ووجوداً في الأذهان ووجوداً في العبارة ووجوداً في الكتابة، فالكتابة تدل على العبارة، وهي على ما في الأذهان، وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كما في قولنا: القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات والمحدثات يراد به الألفاظ المنطوقة[٣] المسموعة، كما في قولنا: قرأت نصف القرآن، أو المتخيلة كما في قولنا: حفظت القرآن، أو الأشكال المنقوشة كما في قولنا: يحرم للمحدث مس القرآن. (من شرح العقائد للسعد).
[١] لكن المطلوب إثبات كون كلامه تعالى قديماً لكونه معنى مسمى الكلام النفسي، ولا يثبت ذلك إلا بالمجموع فتأمل. (حسن بن يحيى).
[٢] وهذا هو الأولى. (ح عن خط شيخه).
[٣] في المطبوع: يراد بها الألفاظ المسموعة، والمثبت من شرح العقائد.