[الكلام في البسملة في أوائل السور]
  (و) عن ابن المسيب ومحمد بن كعب: (إثباتها) آية (في الفاتحة) والنفي في غيرها(١)، وهو رواية عن الشافعي، قالوا: وله في باقي السور قولان، فمنهم من حمل القولين على أنها هل هي من القرآن في أوائل السور أو لا. ومنهم من حملهما على أنها هل هي آية مستقلة أو هي مع ما يليها من كل سورة آية. قال التفتازاني: وهذا هو الأصح؛ ليكون نظره واجتهاده في بيان آخر الآية ومقدارها لا في كونها قرآناً.
  وعن أحمد بن حنبل وداود وفخر الدين الرازي(٢) من الحنفية: أنها آية مستقلة أنزلت للفصل بين كل سورتين، فهي آية واحدة لا مائة وثلاث عشرة آية(٣)، وعليه جمهور المتأخرين من علماء الحنفية، وهذا معنى قوله: (أو مستقلة) فهذه (أقوال) أربعة.
  واعلم أن من لم يوافق القول الأول من القراء كأبي عمرو(٤) قارئ البصرة وحمزة من قراء الكوفة وورش من قراء المدينة وابن عامر قارئ أهل الشام يحتمل أن يكون رأيهم موافقاً للقول الثالث(٥) وللرابع؛ إذ لا خلاف بين القراء السبعة في إثباتها تلاوة
(قوله): «وهو رواية عن الشافعي» لعل الضمير راجع إلى إثباتها آية في الفاتحة فقط؛ إذ لو عاد إلى مذهب ابن المسيب وأبي بن كعب من الإثبات في الفاتحة والنفي في غيرها كما هو ظاهر العبارة لم يستقم قوله: قالوا: «وله في باقي السور قولان»؛ لأن مقتضى مذهب ابن المسيب هو النفي في باقي السور، والله أعلم.
(قوله): «إذ لا خلاف» هكذا في التيسير، وهو تعليل كون رأيهم موافقاً للقول الثالث والرابع دون الأول والثاني، أما الأول فظاهر؛ لتصريح المؤلف # بعدم موافقة هؤلاء له، وأما أهل القول الثاني فلعل ذلك مبني على تركهم لها ابتداء، وقد أجمع القراء على إثباتها ابتداء ومن جملتهم هؤلاء، أعني أبا عمرو ومن ذكر بعده. وأما الثاني فيحتمل الموافقة مع ترك هؤلاء لها أصلاً، فينظر في توجيه الكلام، ولم يذكر هذا الكلام في التيسير، والله أعلم.
(قوله): «إذ لا خلاف» هكذا في التيسير.
فائدة: قال في التيسير: فأما ابتداء القارئ برؤوس الأجزاء التي في بعض السور فأصحابنا يخيرون القارئ بين التسمية وتركها في مذهب الجميع.
(١) في المخطوطات الأربع: عن غيرها.
(٢) لعله أبو بكر أحمد بن علي، وقوله: «إنها آية مستقلة» أي: في أوائل السور. (تلويح).
(٣) وعند أهل القول الأول أنها مائة وثلاث عشرة آية من السور، كما أن قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣}[الرحمن] عدة آيات من سورة الرحمن، ذكر معناه في التلويح.
(٤) في حاشية: اسمه في الأشهر زبان، وورش اسمه عثمان، وابن عامر اسمه عبدالله، وحمزة هو ابن حبيب.
(٥) أي: في إثباتها في الفاتحة، وقوله: «وللرابع» أي: في كونها آية مستقلة.