[انقسام القرآن إلى محكم ومتشابه]
  يكون في القرآن شيء لا يعلم تأويله إلا الله، والتأويل خلاف الظاهر(١)، فيكون في القرآن ما أريد به خلاف ظاهره من غير بيان، وهو المدعى.
  وإنما قلنا: يجب الوقف عليه؛ لأنه لو لم يجب لكان الراسخون معطوفاً عليه، وحينئذ يكون «يقولون» جملة حالية، ولا يجوز أن يكون حالاً من المعطوف والمعطوف عليه، وهو ظاهر، فتعين أن يكون حالاً من المعطوف فقط، وهو خلاف الأصل؛ لأن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات، وإذا انتفى هذا تعين ما قلنا.
  والجواب(٢): أنه إنما يمتنع تخصيص المعطوف بالحال إذا لم تقم قرينة تدل عليه، أما إذا قامت قرينة تدفع اللبس فلا بأس، كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}[الأنبياء: ٧٢]، فإن «نافلة» حال من يعقوب خاصة؛ لأن النافلة ولد الولد، وما نحن فيه كذلك؛ لأن العقل قاضٍ بأن الله تعالى لا يقول: آمنا به.
  ولو سلم اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات فلا نسلم تعين
(قوله): «معطوفاً عليه» أي: على لفظ الله.
(قوله): «وهو ظاهر» لقوله: آمنا، كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى.
(١) ويؤيده أن الآية دلت على ذم متبعي تأويله ووصفهم بالزيغ، ويؤيده أيضاً قراءة ابن عباس[١]: ويقول الراسخون آمنا به، وقراءة[٢] ابن مسعود: وإن تأويله إلا عند الله والراسخون. (إكليل). وذكر القراءتين في الكشاف.
(*) وقال أمير المؤمنين علي # من جملة كلامه: (وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنة النبي ÷ وأئمة الهدى أثره فكِلْ علمه إلى الله، فذلك منتهى حق الله عليك، واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه رسوخاً، فاقتصر على ذلك ... إلخ كلامه #. أخرجه السيد أبو طالب في أماليه، وهو في نهج البلاغة وغيره.
(٢) وعبارة العضد: الجواب أن مخالفة الظاهر أهون من الخطاب بما لا يعلم[٣].
[١] أخرجه عبدالرزاق في تفسيره، والحاكم في مستدركه.
[٢] أخرجه ابن أبي داود في المصاحف من طريق الأعمش عنه.
[٣] عبارة العضد: لأنا نقول: مخالفة الظاهر أهون من الخطاب بما لا يفيد أصلاً.