[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  فهو ناسخ للقول حقيقة، وأما إذا كان المتأخر القول فالنسخ بالحقيقة لدليل التكرار في حقه، ونسبته إلى الفعل على جهة المجاز.
  وأما مع عدم التمكن فلا يقع منه ÷؛ لأنه إما أن يتأخر الفعل أو يتقدم، إن تأخر فهو معصية لمخالفته القول، والنسخ حينئذ بداء، وإن تقدم كان القول حينئذ عبثاً أو بداء؛ لدفعه(١) حكم دليل التكرار، خلافاً للأشعرية في ذلك كله.
  (ولا تعارض) بين القول الخاص به ÷ والفعل المدلول على تأسي الأمة به (في حقنا(٢)) وهو ظاهر.
(قوله): «فالنسخ بالحقيقة لدليل التكرار» كأن يستقبل ثم يقول: لا يجوز لي مثل هذا الفعل، فقد نسخ دليل التكرار، وهو قوله: هذا مباح متكرر في حقي.
(قوله): «وأما مع عدم التمكن» معنى عدم التمكن مع تقدم القول أن يقول: لا يجوز لي الاستقبال ولم يكن قد تمكن من الكف ثم فعل، فالفعل حينئذ معصية في حقه، لكن هل يتأسى به لعدم التعارض في حقنا أو لا لأن الفعل قد صار حراماً في حقه ÷؟ أشار شيخنا | إلى أنا لا نتأسى به؛ لأن الفعل قد حرم عليه، فينظر.
(قوله): «والنسخ حينئذ بداء» زاد بعض الناظرين: أو عبث؛ ليوافق ما يأتي في تقدم الفعل، وفيه نظر؛ إذ النسخ لا يتصف بالعبث، وإنما يتصف بالبداء فقط، والعبث فيما يأتي إنما هو في القول، واتصافه بالعبث ظاهر إذا لم يكن بداء، والله أعلم[١].
(قوله): «وإن تقدم» أي: الفعل، كأن يستقبل القبلة بقضاء الحاجة ثم يقول: لا يجوز لي الاستقبال.
(قوله): «كان القول حينئذ عبثاً أو بداء» مع الحكم بالنسخ؛ لظهور عدم المصلحة في الفعل[٢]، وقد اعترض بعض الناظرين بأنه إذا كان عموم دليل التكرار بطريق الظهور كان مخصصاً لحكم دليل التكرار في حقه ÷ فلا عبث ولا بداء. والجواب: أنك قد عرفت أن التكرار إنما هو في حقه ÷ فقط، فلا عموم للأمة بالنظر إلى التكرار.
(قوله): «لرفع حكم دليل التكرار» معنى عدم التمكن هنا أن يمضي وقت بعد قوله: «هذا الفعل مباح متكرر في حقه» لا يمكن فيه فعل الاستقبال مرة أخرى؛ إذ لا يحصل التكرار بالأولى.
(قوله): «ولا تعارض» سواء تقدم الفعل أو تأخر أو جهل.
(قوله): «المدلول على تأسي الأمة به» أي: الذي دل الدليل على تأسيهم به ÷، فعلى تأسي الأمة نائب المدلول، والباء في (به) متعلقة بتأسي، والضمير عائد إلى الموصول الذي هو عبارة عن الفعل، أي: الذي دل على تأسي الأمة به أي: بالفعل الموصوف بالموصول المذكور، فلا حاجة إلى زيادة لفظ (فيه) كما قال بعض الناظرين بناء على أن ضمير (به) للنبي ÷ كما هو الظاهر في عبارتهم، لكن لا محوج إلى التقدير؛ إذ لا مانع من إعادته إلى الفعل.
(١) في (ب): لرفعه.
(٢) إلا بالنظر إلى التكرار على تقدير تأخر القول. وقوله: «وهو ظاهر» أي: لأن القول لم يتناولنا.
[١] لا يخفى أن الظاهر ما قاله بعض الناظرين، ولعل المؤلف # اقتصر على البداء للعلم بلزوم العبث أيضاً، وما ذكره سيلان | من التنظير لا يستقيم؛ إذ لا فرق بين القول والفعل في الاتصاف بالعبث والبداء كما لا يخفى، وما ذكره من الفرق بين البداء والعبث كما يوجد في بعض النسخ لا يصح ومخالف لما سيأتي للمؤلف في مسألة امتناع النسخ قبل التمكن فتأمله، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).
[٢] لعل المراد عدم المصلحة في دليل التكرار الذي مع الفعل. (ح عن خط شيخه).