هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]

صفحة 66 - الجزء 2

  (فإن جهل) المتقدم من القول والفعل ففيه الثلاثة الأقوال التي تقدمت، وإليها أشار مع بيان المختار منها بقوله: (فالوقف⁣(⁣١)) وذلك (للاحتمال) ولا وجه للترجيح⁣(⁣٢)؛ لأن النسخ حاصل على التقديرين.

  (و) ثانيها: في القول الخاص⁣(⁣٣) (بنا) أمة محمد ÷، وهو (مثله) أي: مثل الصنف الأول ومشبه له في أحكامه، إلا مع جهل التاريخ فسنذكر حكمه إن شاء الله تعالى.

  وتحقيق المماثلة: أن المتأخر من القول والفعل ناسخ للآخر مع التمكن: أما إذا تأخر الفعل فهو مع دليل التأسي ناسخ للقول حقيقة، وأما إذا تأخر القول


(قوله): «للاحتمال» أي: لاحتمال تقدم القول فيكون منسوخاً، وتأخره فيكون ناسخاً.

(قوله): «على التقديرين» تقدم الفعل وتقدم القول.

(قوله): «وثانيها» أي: ثاني الثلاثة الأصناف.

(قوله): «وتحقيق المماثلة» يعني تحقيق ما هو المراد منها، فإن الظاهر من المماثلة أن الناسخ والمنسوخ في الصنف الأول هو الناسخ والمنسوخ في هذا الصنف، وليس كذلك؛ فإنه نسخ في الأول القول بمجرد الفعل، وفي هذا الصنف نسخ القول بالفعل مع اشتراط وجود دليل التأسي؛ إذ لو لم يوجد فلا نسخ للقول الخاص بنا، وهو ظاهر، ونسخ هناك دليل التكرار بالقول المتأخر، وهاهنا نسخ دليل التأسي لا دليل التكرار؛ إذ لا تكرار في حق الأمة، بل إنما هو في حقه، وعدم المعارضة هناك في حقنا وهاهنا في حقه #، فحقق المؤلف أن المماثلة⁣[⁣١] في مجرد كون المتأخر ناسخاً، وفي مجرد لزوم العبث، وفي مطلق عدم المعارضة.

(قوله): «أما إذا تأخر الفعل» كأن يقول: هذا مباح⁣[⁣٢] متكرر في حقي فتأسوا بي، ثم يمضي وقت يمكن فيه فعل النبي ÷ والتأسي به ثم يقول: الاستقبال حرام عليكم ثم يفعل، فالفعل مع دليل التأسي ناسخ لدليل التحريم، فيُتأسى به.

(قوله): «مع دليل التأسي» ليس المراد أن القول نسخ بالفعل وبدليل التأسي، بل المراد أنه نسخ بالفعل مع وجود دليل التأسي واعتباره كما عرفت.

(قوله): «وأما إذا تأخر القول» كأن يستقبل ثم يقول: الاستقبال حرام عليكم، فالنسخ بالحقيقة لدليل التأسي لا لفعل الأمة؛ لأن الأمة إن كان قد حصل منهم التأسي فلا نسخ لما قد فعل، وكذا إن لم يحصل لا نسخ أيضاً، ولا دليل⁣[⁣٣] في حقهم على التكرار فلا نسخ له أيضاً.


(١) في حقه.

(٢) هلا جعل التكرار في حقنا وجه ترجيح لتأخر الفعل. اهـ يقال: النسخ في حقه والتكرار باق.

(٣) نحو أن يقول: الاستقبال محرم عليكم دوني. (منهاج).


[١] ولذا قال المؤلف: ومشبه له في أحكامه ... إلخ، وهي هذه. (حسن بن يحيى).

[٢] في هذا التمثيل خبط لا يخفى فتأمله. (حسن ح).

[٣] الظاهر في العبارة، فلا نسخ إذ لا دليل ... إلخ فتأمل. (ح قال: اهـ شيخنا المغربي).